|
|
||||||||||
ملتقى الفضفضة مساحة ليقول العضو كل ما يجول في خاطره ، فضفضات نفس . |
|
أدوات الموضوع |
02-11-2010, 08:33 AM | #1 | |||
المركز الثالث (عقد من ضياء)
|
شيء من حياتي 3
شيء من حياتي 3 رائحة الموت تقترب مني كلما سمعت قراءة الشيخ الحصري ، فأتذكر شعوري بحركة الملائكة القادمين لاستلام الأمانة ورفع الروح لبارئها ، أتذكر صرخة أمي وبكاء النسااء ، و أتذكر حيرتي بين البكاء والتماسك _ يوم وفاة والدي ( رحمه الله وجعل مثواه الجنة ) الذي كان في 19 – 1 - 1999 ميلادية والذي وافق ثاني أيام عيد الفطر المبارك ، ليصبح العيد الداكن في حياتي ، الذي غلفته الثياب السوداء والهدوء المضني والملامح المستسلمة لقدر الله . لم أشعر بالهيبة والوقار مثل ماشعرت به ذلك اليوم ، حين هبطت ملائكة الموت إلى بيتنا ، حيث رأتنا وشعرنا بها ، لتقبض روح أبي ، وأنا وأخوتي جميعا نقف ننظر لأمي وهي تسند ابي بذراع وتحاول أن تسقيه العسل بالذراع الأخرى . أتذكر جيدا أن اللحظة التي إبتلع أبي فيها العسل ، ثقل وزنه ومال في حضن أمي ! أصبح جسد بلا روح ، ولكنّي لم أدرك ذلك في تلك اللحظة ، فإن أمي لم تبكي وأخي الأكبر لم يصرخ ، إذن فكل شيء على مايرام ! استقامت أمي _ وبدأت تملي علينا بعض التعليمات ، مثل إخفاء كل ماهو ثمين وإقفال الخزانات بالمفاتيح وارتداء الملابس السوداء ، كانت تعلم أن أبي توفي وأن فوج هائل من البشر سيحتل بيتنا ، ولكنها لم تستطيع إخبارنا بذلك بشكل مباشر ، فقد كانت هي نفسها تأمل أن ما حدث له ماهو إلا مجرد غيبوبة ! ثم أرسلت أخي لاستدعاء جارنا ، علّه يزيل عنّا غموض هذا الموقف . وعندما وصل جارنا ، حمل أبي ، أو بالأحرى جثة أبي ، ونقلها لحجرة الإستقبال (الخاصة بالرجال) ووجهه للقبلة ، ولم يخبرنا شيئا ، ذهب ليتركنا مع أبي قليلا حتى يعود ومعه الطبيب . فقد علم جارنا أن أبي قد رحل ، ولم يذهب لإحضار الطبيب إلا لتأكيد حالة الوفاة فقط لا غير ! سألت أخي " هوّ في حاجة حصلت لبابا ياوليد ؟؟ " ، يحوّل نظراته عني ويقول " لسه مش عارفين ، إنتوا بس صلّوله وادعوله " ، توضأت وكذلك إخوتي وصلينا ، ورفعنا أيدينا للدعاء والرجاء لله سبحانه وتعالى بأن يشفي أبي !! كم كنت أعشق ذلك الرجل ، حتى أن إدراكي كان يكابر بشدة بأن لحظة وفاته لم تحين ولن تحين أبدا ، فكيف يرحل ذلك الرجل العظيم ويتركنا ؟! في لحظات الإنتظار الهادئة ظاهريا والهائجة القلقة في دواخلنا ، أصرّت أمي بأن نتناول الطعام ، حيث أننا لم نتناول شيء على الإطلاق منذ الصباح ، وكانت تخشى أن يحدث شيء ما ولا نستطيع أن تناول شيء بعدها . لم يكن لأحد منا الرغبة في تناول أي شيء على الإطلاق ، ولكن أخي الأكبر (الذي كان يبلغ من العمر 17 سنة حينها ) وأختي الكبيرة ( التي تصغره بعامين ) شجعونا على التجمع حول بعض الطعام وتناوله ، وأثناء ذلك كان أخي يحثنا على الإنبساط و يقول لنا ابتسموا ابتسموا فإن الابتسامة في مثل هذه الظروف لها أجر كبير ( لا أعلم حقيقتا صحة تلك المعلومة ، ولكن أعلم جيدا أن أخي كان يحاول بها الترويح عن انفسنا لنستطيع تناول الطعام ) وبالفعل ، بدأنا نبتسم لبعضا البعض ونجبر أنفسنا على تناول الطعام ، وكلٌ منا يخفي مايخفي في داخله من القلق الشديد عن الآخر . بعد ساعة أو سعاعتين بالأكثر ، بدأ بيتنا يمتلئ بالمعارف والأهل والجيران (نساء ورجال) بشكل مفزع ، على الرغم من أن خبر الوفاة لا يزال غير مؤكد بالنسبة لنا . وفي لحظة أتانا الخبر بأن الطبيب قد وصل _وبما أننا كنساء لا نستطيع أن نذهب إلى القسم الممتليء بالرجال في البيت ، أرسلتُ أنا وأختي أخي الصغير إلى هناك خلسة ليأتي لنا بالأخبار ، وعاد وهو يقول ببراءة شديدة لا أنساها " مغطيين وجه بابا بقماشة " صعقتُ أنا وأختي بشدة ، ولم تمضي إلا ثوان حتى سمعنا صرخة واحدة مدوية أتت من القسم التي تجمع فيه النساء ، هرعنا إلى هناك _ وكانت لحظة انهيار أمي ! أصرخ وأنا أمسك بأمي " ماما ماما " وأشعر بأيد تشد ذراعي وتبعدني عنها ، أرى حولي فأجد الكثير من النساء يبكين ، أرى أختي الكبيرة تبكي بجانب أمي على الأرض ، أبكي نعم أبكي وماذا عساي أن أفعل غير ذلك ، أشعر بمن يربت على ظهري ويحضنني ، لا أعلم من وكيف ولماذا ، ولكن كنت ميقنة بأنها النهاية _ عندما أتذكر يوم وفاة أبي ، لابد من مرور إحدى أكثر اللحظات ألما في مخيلتي ، وأعود للوراء وأعيش اللحظة من جديد . لحظة وداع جثة أبي ؛ بعد أن غسل ولف بالكفن ، استدعونا لتوديع أبي قبل أن يأخذوه ليدفن في قريتنا . كان أبي جثة هامدة ممددة على خشبة لا حول له ولا قوة ، مغمضة عينيه وكأنه نائم كما اعتاد أن يفعل كل يوم . عندما رأته أمي بزيّه الرسمي للإنتقال إلى العالم الآخر ، اندفعت إليه والدموع تنهمر بلا إنقطاع ، وألقت بنفسها على الأرض بجانبه وبدأت تهلل وتكبر وتسبح في أذنيه ، وكأنه مولود دخل لتوّه بوابة الحياة ، والتي هي في الواقع بوابة لحياة أخرى . كان ذلك المشهد من أكثر المشاهد في حياتي تأثيرا في نفسي وفي نفس كل من شهده ، فلم يتوقع أحد منا ذلك الإندفاع من أمي ، وتلك القوة التي ألهمتها باستبدال الصراخ والعويل بالذكر والتسبيح حتى انهار كل من حولها بالبكاء رجال ونساء . ترك هذا المشهد في مخيلتي لوحة في قمة الجمال وقمة الحزن ، أعلم أنها ستبقى للأبد . v v v يتبع المصدر: نفساني
|
|||
|
02-11-2010, 08:33 AM | #2 |
المركز الثالث (عقد من ضياء)
|
. . بعد منتصف الليل ، أسدل هدوء غريب ملاءته على بيتنا ، هدوء يحمل في طياته جلبة مخيفة ومهيبة مختلطة برائحة البخور الخاصة بالأموات ، ذهبت أنا وأختي إلى ذلك القسم الذي تم غسيل أبي فيه في بيتنا لنطفيء الأضواء ، شعرنا حينها بأن المكان اصبح مختلف ، حيث بدأت تخالجنا مشاعر تؤكد أن المكان هنا ممتليء بشيء ما ولكننا لا نعلم كنهه ، وكأن روح أبي مازالت هناك ، أو هي الملائكة ، أو أنها أوهام ، لا أعلم ، ولكن أعلم جيدا أن القشعريرة سارت في أجسادنا حتى أنجزنا المهمة بأسرع مايمكن من شدة الخوف وتركنا المكان وصوت الشيخ الحصري يملأ أركانه . في نهاية ذلك اليوم ، جمعتنا أمي في حجرة واحدة لننام معا ، حتى نشعر بالدفيء بعد أن أهلك سقيع الخوف والحزن أرواحنا . وقبل إطفاء الضوء ، أوصتنا أمي بملء كفوفنا بأنفاسنا الملفوظة بالقرآن ومسح أجسادنا بها حتى نستطيع النوم ، ولم تنسى التأكيد علينا بقراءة الفاتحة لوالدي العزيز . وأطفأنا الضوء ونمنا ، أو بالأحرى تظاهرنا بالنوم ؛ فقد استخدم كلٌ منا الظلام سترا للتعبير عن ألمه ، والوسادة مأوى لشلالات دموعه . . و كانت تلك أحد أصعب الأيام التي تخللت حياتي ، يوم رحيل رجل أحبّ زوجته وأبنائه بإخلاص ، رجل أحبّه كل من عرفه وسمع عنه ، رجل لطالما أفتخرتُ به وأعتبرته أعظم الرجال في حياتي . اللهم أرحم أبي برحمتك الواسعة وأغفر له ذنوبه وأعفو عنه وأسكنه فسيح جناتك ، وأجعل لقبره نورا ولوحدته ونيسا يا أرحم الراحمين . . . رانيا محسن |
|
04-11-2010, 08:50 AM | #5 |
المركز الثالث (عقد من ضياء)
|
أمورة نفساني .. وردة الحب الصافي
أشكركم كثيراا على هذا المرور . تقبلوا ودّي وخالص تحياتي |
|
04-11-2010, 11:50 AM | #6 |
( عضو دائم ولديه حصانه )
|
صحيح لحضات مؤلمه
انا لله وانا اليه راجعون . . لا تنسي اينار . . اباك راح لدنيا ثانيه دنيا الوجود الابدي الجنه بأذن الله وهذا مايجعلك حتماا تبتسمين حيث الانبياء . .وظل الرحمن . . الله . . تعيشي وتفتكري هم السابقون ونحن الاحقون للجنه بأذن الله الف رحمه ونور تنزل عليه |
|
07-11-2010, 08:03 AM | #7 |
المركز الثالث (عقد من ضياء)
|
فرح
أشكرك على رقة مشاعرك التي لامست قلبي .. وأشكرك جدااا على الدعاااء .. . تقبلي تحيااتي القلبية |
|
07-11-2010, 08:30 AM | #9 |
مراقب عام
|
اللهم أرحم والدينا أجمعين
أختي إينار الحياة الأبدية عند الله في الآخرة عفاك الله وقوى قلبك بالإيمان |
|
07-11-2010, 10:40 AM | #10 | |
المركز الثالث (عقد من ضياء)
|
اقتباس:
درووب الحيااة زي ماقلتي .. الحمدالله على كل حاال كان فقدانه صعب .. بس لأن ربي موجود .. الحيااة استمرت والحمدالله |
|
|
07-11-2010, 11:08 AM | #11 | |
المركز الثالث (عقد من ضياء)
|
اقتباس:
أخي الشااكر فعلااا .. وديماا أتمنى من ربي إنو يجمعني بأهلي في الجنه .. ونكون مع بعض فيها .. زي ماكتبلنا الله إن احنا نكون مع بعض في الدنيا أشكرك على وجودك وتعقيبك |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
|
|