المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > المنتديات الإسلامية > الملتقى الإسلامي
 

الملتقى الإسلامي قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ))

موضوع يستحق التثبيت ..؟ عــن سورهـ الانشرآح

"ملخّص" نزلت السورة في ظروف الشدّة والعسر، ويعيش المؤمنون اليوم في كثير من البقاع ظروفا مشابهة. وفي السورة دروس هامة أولها: شرح الصدر.. شرح الصدر في

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 05-06-2010, 09:08 PM   #1
نوآف
عضو نشط


الصورة الرمزية نوآف
نوآف غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 30623
 تاريخ التسجيل :  06 2010
 أخر زيارة : 15-07-2011 (04:36 AM)
 المشاركات : 80 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
Icon1 موضوع يستحق التثبيت ..؟ عــن سورهـ الانشرآح



"ملخّص"

نزلت السورة في ظروف الشدّة والعسر، ويعيش المؤمنون اليوم في كثير من البقاع ظروفا مشابهة. وفي السورة دروس هامة أولها: شرح الصدر.. شرح الصدر في العمل، وشرح الصدر في المعرفة. ومفتاح شرح الصدر الصبر والصلاة. والدرس الثاني أن العسر ينتهي الى اليسر حتماً، والعسر سنة دائمة، واليسر سنة مشروطة بالتقوى والتصديق والعطاء. والدرس الثالث: مكافحة حالة الاسترخاء والتراخي في العمل. والدرس الرابع توجيه الحركة والعمل الدائم الى اللّه سبحانه وتعالى دون سواه.



(ألم نشرح لك صدرك. ووضعنا عنك وزرك. الذي أنقض ظهرك. ورفعنا لك ذكرك. فإنّ مع العسر يُسراً. إنّ مع العُسرِ يُسراً. فإذا فرغت فانصب. والى ربّكَ فأرغب).



ظرف نزول السورة

نزلت هذه السورة في ظروف الشّدة والعسر في مكة في الفترة الصعبة التي كان رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) والصحابه يَلقون فيها ألوان الاضطهاد والأذى على أيدي عتاة قريش.

في هذه الظروف نزلت هذه السورة على رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) بأربعة دروس، وأيَّة أربعة وهي دروس ضرورية، لابد منها للعاملين، في أي زمان، ومن دون هذه الدروس لا يمكن أن يواصل المؤمنون عملهم في الدعوة الى اللّه.



وهذه الدروس هي:

1- شرح الصدر، 2- الأمل، 3- المقاومة، 4-- الذكر والارتباط باللّه .

ويعيش الدعاة الى الله اليوم في كثير من أقطار العالم الاسلامي ظروفاً مشابهة للتي عاشها الرعيل الأول من المسلمين بصحبة رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) في مكة، ولذلك تبقى سورة "ألم نشرح" حاجة حقيقية قائمة للعاملين في سبيل اللّه في عصرنا يحتاجون الى استيعاب دورسها.

واستيعاب هذه الدروس والالتزام بها يمكّن الانسان من مواصلة الطريق الى نهايته وتجاوز العقبات الكثيرة الموجودة على هذا الطريق في ظروف غربة الاسلام ومحنته، كما كان سلفنا يحتاجها في مكة في الايام الاولى من ميلاد الرسالة .

الدرس الأول: شرح الصدر

وأول هذه الدروس شرح الصدر.

وهو في مقابل ضيق الصدر. ومن خلال هذا التقابل نستطيع أن نفهم معنى شرح الصدر.

الصدر الضيقة هو الذي لا يستوعب هموم العمل ومتاعب المواجهة، فتطفح عليها المتاعب وهموم العمل، وتتحول الى "الجزع" و"التعب" و"اليأس".

وأما الصدور التي يشرحها اللّه تعالى فإنها تستوعب المشاكل والهموم والمتاعب، وتتحول فيها الى الصبر والمقاومة، والاستعانة باللّه.

ومثل الصدور التي يشرحها اللّه كالبحر، لا يلوّثه شيء مما يلقى فيه من القذارة، أما الساحات الراكدة والمحدودة من الماء فإنَّها سرعان ما تلوّثها الاقذار وتطفح عليها، وتغير لونها وطعمها ورائحتها.. والفرق سعة الاناء وضيق الاناء.

وكذلك الصدور الواسعة التي شرحها اللّه، لا تضيق بهموم العمل ومتاعبه، ومهما واجه صاحبها من المشاكل والمتاعب والهموم استوعبتها وتجاوزتها.

بخلاف الصدور الضيّقة، التي تضيق بالقليل من الهموم والمتاعب، وتطفح عليها، فتجزع، وتتعب، وتيأس، والانهيار والتراجع والخذلان النتيجة الطبيعية لهذا الضيق، كما إنَّ الصبر، والمقاومة، وذكر اللّه، والتوكل على اللّه هو النتيجة الطبيعية للصدور الواسعة الى شرحها اللّه.

إذن; الصدور وعاء شخصية الانسان، وهي على طائفتين:

الصدور الواسعة الى شرحها اللّه.

والصدور الضيقة الحرجة.

في الصدور الواسعة تتحول الهموم والمتاعب الى الصبر والذكر، وفي الصدور الضية تتحول الهموم والمتاعب الى الجزع والسقوط.

في الصدور الواسعة تتحول الاساءة الى الحلم والعفو.

وفي الصدور الضيقة تتحول الاساءة الى الانفعال والغضب والانتقام .

وفي الصدور الواسعة تتحول الفتن والمغريات الى التقوى.

وفي الصدور الضيقة تتحول الفتن والمغريات الى الانزلاق والى الأثم .

وفي الصدور الواسعة يتحول الرزق والنعمة الى الشكر.

وفي الصدور الضيقة يتحول الرزق والنعمة الى السكر (سُكر النعمة) والطغيان.

وفي الصدور الواسعة تتحول المصيبة الى الصبر.

وفي الصدور الضيقة تتحول الى الجزع.

وفي الصدور الواسعة يتحول العلم والموقع الى التواضع.

وفي الصدور الضيقة يتحول العلم والموقع الى الغرور.



شرح الصدر في العمل

وأوّل ما يحتاجه الدعاة الى اللّه في ساحة العمل هو شرح الصدر.

ولقد بعث اللّه تعالى رسول وكليمه الى بني إسرائيل وفرعون ليدعوهم الى اللّه.. فلم يطلب موسى بن عمران (عليه السلام)، مالا ولا سلطان، ولا قوة من عند اللّه، لينهض بهذه المهمة الصعبة، وإنما سأل اللّه تعالى أن يرزقه شرح الصدر وتيسير الامر، فقال:

(رب اشرح لي صدري. ويسّر لي أمري) (1).

وقدم شرح الصدر على تيسير الأمر.

إن الذي يحتاجه الدعاة الى اللّه على طريق ذات الشوكة أمران:

1- مضاعفة التحمّل 2- وتخفيف الحمل.

وكلاهما سأل اللّه تعالى موسى بن عمران في بداية المهمّة، ولكنّه يقدم السؤال الاول على السؤال الثاني، ويطلب من اللّه تعالى أن يضاعف تحمله أولاً، ثم يطلب من اللّه أن يخفف له الحمل (رب اشرح لي صدرى ويسر لي أمري).

وفي بدايات الدعوة، أيام الشدّة والضيق كان أوّل ما منَّ اللّه به على عبده ورسوله(صلى الله عليه وآله) هو شرح الصدر (ألم نشرح لك صدرك).

وإن ساحة العمل وطريق ذات الشوكة صعب، ولولا إسناد اللّه تعالى ودعمه وتطمينه لنفوس أنبيائه وعباده الصالحين لضاقت صدورهم مما يلاقون .

يقول تعالى، مخاطنا رسوله: (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون) (2).

ولكن اللّه تعالى يؤيد أنبياءه مرتين:

يشرح صدورهم، ويزيد ويضاعف في تحملهم أولاً ثم يرفع عنهم الحمل، ويضع عنهم ثقل العمل ثانياً.

(ألم نشرح لك صدرك. ووضعنا عنك وزرك. الذي أنقض ظهرك) .

ويأمر اللّه تعالى نبيه(صلى الله عليه وآله) أن يصبر ويوسّع صدره لما يلاقي من قومه، ولا يجزع، ولا يفقد صبره - كما ضاق صدر العبد الصالح أيوب (عليه السلام)من قبله بما لاقاه من قومه.(فاصبر لحكم ربك. ولا تكن كصاحب الحوت) (3).



العلاقات التبادلية بين الصدور وساحات العمل

ومن عجب أن شرح الصدر هو أول متطلبات العمل - كما قلنا قبل قليل، ولا يمكن الانسان أن يدخل ساحة العمل من غير شرح الصدر.. وفي نفس الوقت لا يُزود اللّه الانسان بشرح الصدر إلا في ساحة العمل. فليس يكتسب الانسان شرح الصدر في عُقر بيته، وفي أيام العافية واليسر، وإنما يكتسب شرح الصدر في ساحة المواجهة، وفي أيام الشدَّة والضيق. وبين شرح الصدر وساحة العمل علاقة تبادلية "جدليّة"، وهي واحده من سنن اللّه تعالى في ساحات المواجهة وأيام العسر والشدّة.

(ووضعنا عنك وزرك)، ثم بعد ذلك يمن اللّه تعالى على رسوله أنه: وضع عنه وزره (حمله الذي أثقل ظهره).

والوزر، هنا، الثقل، وهو ثقل العمل والرسالة الذي كاد أن يُنقضُ ظهر رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) لولا تأييد اللّه تعالى وإسناده.

وتفسير "الوزر" بالذنب، أو كما يقول بعضهم تفسير بالنبوة، ولاذوق، والذي يناسب شرح الصدر هو تخفيف الحمل، كما في دعاء موسى بن عمران(عليه السلام).

ومعنى "وضع الوزر" تخفيف الحمل بالإسناد والتأييد، وقد قاتل الملائكة دون رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) في معركة بدر ودافعوا عنه، وأنزل اللّه عليهم المطر، وكانت الارض التي عليها المسلمون يومئذ رمليّة فتلبدت، والارض التي عليها المشركون طينية فتطيّنت وتزلقت بهم، وقد شقّ اللّه تعالى البحر لموسى(عليه السلام)فاجتاز هو وبنو إسرائيل البحر، فلّما دخله فرعون وجنده رجعت المياه الى حالها فغرقوا في البحر. ولقد أهلك اللّه قوم عاد وثمود وقوم لوط ودَمَّر ديارهم تدميراً. واللّه تعالى يقول (وإن اللّه لمع المحسنين). يرفع عنهم ثقل العمل، ويضع عنهم عبء الرسالة، ويخفّف عنهم متاعب الطريق، وينصرهم، ويهلك أعداءهم، وليس يكلهم الى أنفسهم في ساحة المواجهة والصراع، وهذا هو قوله (ووضعنا عنك وزرك) والله أعلم ببصائر كتابه.
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 05-06-2010, 09:08 PM   #2
نوآف
عضو نشط


الصورة الرمزية نوآف
نوآف غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 30623
 تاريخ التسجيل :  06 2010
 أخر زيارة : 15-07-2011 (04:36 AM)
 المشاركات : 80 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


الهلع

مقابل شرح الصدر.. "الهلع".

يقول تعالى: (إن الانسان خلق هلوعاً. إذا مسّه الشر جزوعاً. وإذا مسه الخير منوعاً)(4).

وحالة الهلع هي حالة ضيق الصدر.

ضيق الصدر: الجزع عند الابتلاء بالشرّ، فإنَّ الشر يفيض ويطفح على الصدور الضيقة، أمّا الصدور الواسعة فإنها تستوعب الشر، وتحوله الى صبر وحلم وذكر، قلنا وبنفس السبب (إذا مسّه الخير منوعاً).

فإنَّ مردود الخير والنعمة في الصدور الضيّقة الكفران والطغيان والشُح والمنع.

يقول تعالى (إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى).

إن الطغيان والكفر والمنع والشحّ من إفراز الصدور الضيقة، أما الصدور الواسعة فمردودها الذكر، والشكر، والعبودية، والصبر، والحلم، والعطاء.



شرح الصدر في المعرفة

ماتقدم من حديث يخصّ شرح الصدر في المعاناة والابتلاء،وهو باب واسع من شرح الصدر، والباب الآخر لشرح الصدر المعرفة والبصيرة.

والصدور اُوعية المعرفة. كما هي أوعية الابتلاء. فمن الصدور صدور شرحها اللّه تعالى للمعرفة، فتعي وتبصر، وتنفتح على المعارف، وتتلقّى من النور والوعي مالا يتلقاه الآخرون.

ومن الصدور صدور قاسية، لايدخلها النور، ولا المعرفة، ولا تتفتح على الهداية، وبينها درجات ومراتب، بعضها فوق بعض.

يقول تعالى: (أفمن شرح اللّه صدره للاسلام. فهو على نور من ربه. فويل للقاسية قلوبهم من ذكر اللّه. أولئك في ضلال مبين)(5).

الصدور التي شرحها اللّه يدخلها النور. وأما القاسية فلا ينفذ اليها النور، إلا إذا نفذ النور الى عمق الحجارة الصلدة... وليس العجز في النور، ولكن في الصدور، فإن النور ينزل على كل مكان من غير حساب، ولكن الصدور تحتجب عن النور عندما تكون قاسية.



أسباب الشرح

والله سبحانه هو الذي يشرح الصدور، وهو الذي يجعل الصدور ضيّقة حرجة، مافي ذلك شك.

يقول تعالى: (فمن يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام، ومن يرد أن يضلّه يجعل صدره ضيّـقاً حرجاً. كأنّما يصّـعّد في السماء. كذلك يجعل اللّه الرجس على الذين لا يؤمنون)(6).

والهداية والضلالة هي الانفتاح والانغلاق على النور. فمن يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره، فيدخل الى قلبه النور، ومن يرد أن يُضلّه يجعل صدره ضيقاً، فينغلق على النور.

وفي القرآن تأكيد على هذا المعنى في أكثر من موضع، يقول تعالى (ألم نشرح لك صدرك)، (رب اشرح لي صدري)، (أفمن شرح اللّه صدره للاسلام)، (فمن يرد اللّه أن يشرح صدره للاسلام) ونظائر ذلك في كتاب اللّه.

وكلّها يؤكد أنّ أمر الصدور بيد اللّه، يشرحها ويضيّقها.. فإذا شرحها اللّه دخلها النور والمعرفة، وإذا ضيّقها اللّه انغلقت على النور والمعرفة.. ونظير ذلك "النصر" فإنه من عند اللّه من دون ريب، والقرآن يقرر هذه الحقيقة وينسب النصر الى اللّه في أكثر من موضع: (إذا جاء نصر اللّه والفتح)، (وما النصر إلاّ من عند الله)، (إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً)، (والله يؤيد بنصره من يشاء).

إلا أن ذلك أحد وجهي هذه القضية، وهو حق وصحيح، والوجه الآخر، أنّ أسباب هذا النصر الالهي بيد الانسان نفسه، فإذا شاء أن ينصره اللّه نصره اللّه وإذا لم يشأ لا ينصره اللّه.

تأمّلوا الى الوجه الآخر من هذه القضية (إن تنصروا اللّه ينصركم ويثبّت أقدامكم)(7)، (وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة)، (ولينصرنّ اللّه من ينصره).

وهذا هو الوجه الثاني لهذه القضية. ولا يشق علينا أن نجمع هذين الوجهين معاً في تصوّر واحد متكامل، يكمّل كلّ من الوجهين الوجه الآخر.

وكذلك الأمر في "شرح الصدر"و "ضيق الصدر" فإن أسباب شرح الصدر وضيق الصدر بيد الانسان، واللّه تعالى يشرح الصدور ويضيقها بقانون وسنّة، كما هو شأنه تعالى في كل شيء، وليس لسنة اللّه تحويل ولا تبديل.

والآية رقم (125) من سورة الأنعام نفسها تبيّن هذه السُنّة بعدما تبين أن أمر الشرح والضيق في الصدور بيد اللّه. وهذا القانون هو: (كذلك يجعل اللّه الرجس على الذين لا يؤمنون)(8).

صحيح أن اللّه تعالى هو الذي يشرح الصدور ويضيقها.. ويبعث فيها الحياة ويميتها، ولكن هذا الضيق والرجس الذي يصيب الانسان بسبب الانسان نفسه، الذي أعرض عن اللّه، وصَدّ عن سبيل اللّه. وهو عقوبة ونتيجة لصدوده وإعراضه عن اللّه.

ومن أفظع الخطأ في فهم كتاب اللّه أن نفكك بصائر الكتاب، بعضها عن بعض، ونحاول أن نفهم بعضها مفصولاً عن بعض. إنَّ هذا المنهج التفكيكي في فهم القرآن يؤدي الى أخطاء كبيرة، ويتسبّب في ظهور نحل ومذاهب منحرفة في فهم كتاب اللّه وتأويله.

مفتاح شرح الصدر



مفتاح شرح الصدر: "الصبر والصلاة".

والدليل على ذلك سورة هود. وقد نزلت هذه السورة على رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)أيام الشدّة والبأساء والضرّاء، لتبعث السكينة والطمأنينة على القلب الكبير في مواجهة عتاة قريش.

وتقصّ السور على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قصص الانبياء من قبله، كابرا بعد كابر، وتذكرّه(صلى الله عليه وآله) بمالاقوه من أقوامهم من الاضطهاد والعذاب والعناد واللجاج، وكيف واجه الانبياء(عليهم السلام)هذا العناد والطغيان بالصبر والمقاومة.

ثم تأمر رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) بالاستقامة والثبات على هدى الأنبياء من قبله: (فاستقم كما أُمرت ومن تاب معك). وتختم السورة هذا الدرس العظيم بهذه الآية الكريمة التي هي مفتاح كل مارزق اللّه أنبياءه(عليهم السلام) من شرح الصدر، والثبات، والمقاومة: (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل. إنّ الحسنات يذهبن السيئات، ذلك ذكرى للذاكرين. واصبر فإن اللّه لا يضيع أجر المحسنين)(9).

ومن سورة البقرة نقرأ نفس المعنى: (واستعينوا بالصبر والصلاة. إن اللّه مع الصابرين)(10).

وإنما يأمرنا اللّه تعالى أن نستعين بالصبر والصلاة، لنواجه بهما هموم العمل ومتاعب الحياة وعقبات طريق ذات الشوكة. إن الصلاة ذكر اللّه (أقم الصلاة لذكري).

وفي ذكر اللّه كل ما يحتاجه العامل السالك الى اللّه من زاد الطريق، وحول، وقوة، وسكون، واطمئنان، وتوكل، وثقة باللّه، فيشدّ الانسان حبله بحبل الله، فيتحوّل ضعفه الى قوة، وفقره الى غنى باللّه، وجهله الى سداد ومعرفة، وبذكر اللّه يخرج الانسان من أفق الانسان الضيق الى رحاب الرحمان الواسع. وماذا يحتاج الانسان بعد ذلك.. هذا عن "الصلاة".

وفي "الصبر" المقاومة والثبات.

وبين الصبر وشرح الصدر علاقة تبادلية. فإن الصبر على الابتلاء يمنح الانسان شرح الصدر وهو في نفس الوقت من نتائج شرح الصدر.

وهذا باب واسع من المعرفة، سبق أن أشرنا اليه. إن الانسان لا يكتسب شرح الصدر وهو قابع في زاوية بيته. فإذا دخل ساحة المواجهة، عصره البلاء عصراً، وصبر على المواجهة والابتلاء.

وعندئذ يكون الصبر من إفراز ونتائج شرح الصدر. ومن خلال هذه العلاقة التبادلية بين "الصبر" و"الشرح" يتصاعد الصبر والشرح. فالصبر يزيد شرح الصدر وشرح الصدر يزيد الصبر.

وكذلك الأمر بين الصلاة والشرح الصدر.

بالصلاة يشرح اللّه صدر عباده، وإذا شرح اللّه صدر عبده أقبل العبد على الصلاة وذكر اللّه، ووجد في الصلاة قرة العين، وراحة القلب.



الدرس الثاني: (فإن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً).

هذه سُنّة من سنن اللّه في التاريخ، ووعي هذه السُنَّة ينفع العاملين الدعاة الى اللّه كثيراً. ومن يعرف أن من بعد العسر يسراً لا يستغرقه العسر، ولا يسقط في العسر.

أما إذا كان لا يعرف الانسان أن من وراء العسر يسراً فإن العسر لا محالة يستهلكه ويستغرفه، تماماً كما إذا كان الغريق يرى قارب النجاة يقترب منه سريعاً، أو يصرخ فلا يسمعه أحد ولا يراه أحد، والامواج تقذفه وتبتلعه.

إن سنة اليسر بعد العسر من السنن الالهية الاكيده التي ورد التأكيد عليها في القرآن في مواضع عديدة.

والايمان بهذه السنة ووعيها من ضرورات العمل.

ولذلك; سوف نتوقّف عند هذه السنة بعض الوقت لنتأمل فيها من خلال كتاب اللّه.



من الاستدراج والابتلاء

سُنّة الاستدراج وسنّة الابتلاء سنتان متقابلتان .

سنة الاستدراج بنعمة بعدها سقوط ومحق وعذاب، وهذه النعمة ظاهرها رحمة وباطنها النقمة يستدرج فيها اللّه تعالى المسرفين والظالمين بالنعمة فتلهيهم النعمة، وتبطرهم، فينخر بنيانهم من الداخل، فينهار، وذلك هو المحق والسقوط في حياة هذه الامم.

وهذا السقوط يتم عادة، بغتة، وبصورة مفاجئة كما حدث ذلك في عصرنا للاتحاد السوفيتي.

يقول تعالى (فلمّا نسوا ما ذكّروا به. فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما اُوتوا أحذناهم بغتة. فاذا هم مبلسون. فقطع دابر القوم الذين ظلموا. والحمد للّه رب العالمين)(11).

وإنّما يفتح اللّه أبواب النعمة عليهم ليفرحوا، ويتمادوا في غيّهم وطغيانهم، فيأخذهم اللّه بغتة، أخذ عزيز مقتدر، وهذه السنّة هي نفسها سُنّة الاملاء في القرآن، وإنما يسميها القرآن بالاستدراج لأن اللّه تعالى يستدرج بها المسرفين الى السقوط، ويسميها القرآن بـ "الاملاء" لأن اللّه يُملي فيها للمسرفين، والإملاء هو الإمداد، كما يقول الراغب في المفردات (فأمليت للذين كفروا. ثم أخذتهم فكيف كان عقاب)(12).

هذا عن سنة الاستدراج والاملاء وسنّة الابتلاء بعكس سنة الاملاء: يبتلي اللّه تعالى فيها عباده بالشدّة والعسر والضيق حتى يذكروا اللّه ويتضرعوا ويقبلوا على اللّه.

(ولقد أخذناهم بالعذابِ فما استكانوا لربهم وما يتضرّعو)(13).

يقول تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات. وبشر الصابرين)(14).

وهذه هي سنّة الابتلاء، وهي سنة عامة، شاملة. والمعاناة، والعذاب، والضيق، والشدّة في هذه السنة ظاهرها عذاب، وباطنها الرحمة. بعكس سنّة الاستدراج.


 

رد مع اقتباس
قديم 06-06-2010, 06:20 AM   #3
أمورة نفساني
عضومجلس إدارة في نفساني


الصورة الرمزية أمورة نفساني
أمورة نفساني غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 18029
 تاريخ التسجيل :  08 2006
 أخر زيارة : 14-01-2019 (04:21 PM)
 المشاركات : 15,872 [ + ]
 التقييم :  69
لوني المفضل : Cadetblue


جزاك الله خيــــر ..


 

رد مع اقتباس
قديم 07-06-2010, 02:57 PM   #4
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


جزاك الله خير


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:05 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا