|
|
||||||||||
الملتقى العام لكل القضايا المتفرقة وسائر الموضوعات التي لا تندرج تحت أي من التصنيفات الموجودة |
|
أدوات الموضوع |
11-05-2002, 03:36 AM | #1 | |||
عضو فعال
|
ملامح عن الحركة العلمية في الإسلام؟
خلف المسلمون حضارة علمية بارزة وتراثاً عظيماً انبعثت منه مختلف الحضارات وكانت أساساً لسائر العلوم ، مما جعلهم حقيقة صانعي الحضارة العلمية وروادها الأوائل وقد وضعوا الأسس العلمية المنطقية لفروع العلم المختلفة وكانت بداية الحركة العلمية الإسلامية مع بداية حركة التعليم الزاهرة وازدهار الترجمة عن الحضارتين الإغريقية والرومانية وانتشار المدارس الخاصة والعامة وحلقات الدروس في المساجد والبيوت والندوات العلمية ، أو ما يعرف بجوانيت الوراقين ، وكان الدافع في ذلك ما أحياه الإسلام في النفوس بتعاليمه السامية وتوجيهاته الرشيدة .
وقد كان العرب قبل الإسلام أمة أمية يسود فيها الجهل ولم تشتهر العرب بحرفة أو مهنة بارزة بين الأمم ، فكان الإسلام هو المحرك الفعال للحركة العلمية عند المسلمين ، والتي غرست في النفوس حب العلم والرغبة في التعلم . الإسلام وأسس البحث العلمي : إن أساس الحضارة أي حضارة على وجه الأرض يكون بمعرفة الإنسان لنفسه وواقعه وما يحيط به من أحياء وجمادات وما يمر به من سنين وما ينتظره من حياة ، ولا يكون هذا متوافراً بشكل صحيح وقاطع إلا باتصال الإنسان بخالقه واتباعه لتعاليمه الصحيحة المنزلة من عنده ، والتي تنظم حياته وتضع له الموازين القسط في كل تصرف وسلوك من غير أن تنتقص من نشاط معين أو تبالغ وتركز على أعمال محدودة وإن ظهر نفعها وغلب على الظن خيرها ، وهي بذلك على خلاف تعاليم البشر وأنظمتهم النابعة من شعور يسوده النقص ويغلب الهوى وإن تجرد وعدل ، فبوضوح التعاليم السماوية وتعبيرها الصادق للحياة وعلاقة الأحياء وغير ذلك من شئون الحياة ، هدأت النفوس المضطربة ، واتضح لها مسار الحياة الصحيح وصدقت في تصوراتها وانطلقت ترفض همجية الجاهلية وتيهها في سبيل إقامة حياة ملائمة ، لقد تيقنت النفوس أن المعتقد الصحيح بلا شك ركيزة أساسية لقيام الحضارة العلمية ، يقول أوغست كونت عالم الاجتماع الشهير " إن العلم الحقيقي لا يمكن أن يؤدي إلى القول بالإلحاد ولا بالمادية البحتة " ويقول أينشتاين " إن الإيمان هو أقوى وأنبل البحوث العلمية " كما يقول أميل درمنج في كتابه " القيم الخالدة في الإسلام " " إن حضارة الإسلام تقوم على رسالة سماوية نظامها الاجتماعي يقوم على أسرة متماسكة ونظامها الاقتصادي يعتبر المال وسيلة لا غاية ، ويحترم الملكية الفردية غير المستغلة ، وثقافتها تستخدم العقل في كسب المعارف ، ولا شك أن لدى المسلمين أكبر ذخيرة من القيم الأخلاقية والاجتماعية والسياسية " كما يقول غستاف لوبون في كتاب حضارة العرب " إن فلاسفة العرب والمسلمين هم أول من علم العالم كيف تتفق حرية الفكر مع استقامة الدين " والإسلام بذلك يعد منبع الحضارة العلمية الأولى ، فقد شع على الأرض وانتشل ببريقه الناس من غياهب المادة الأرضية ، ومن طقوس الأديان المنحرفة ليحرر العقول ويربطها بخالقها فباتت تطلع إلى الأعلى حيث النور والهدى متبعة الحق الذي يرسم لها الفلاح في الدنيا والآخرة : "أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون " . فبالإسلام كانت حياة النفوس ، وكان النور الهادي للناس ، المبين لهم طريق الخير والفلاح ن وكان لهم طريقاً للتقدم وقيام الحضارات التي هي في الواقع ذات جانبين رئيسيين يهتم الجانب الأول منها بحاجة البشر المادية وأسباب العيش الراغد ، وهذا ينبثق مما يكتسبه الإنسان عن طريق التجربة والممارسة ن وما يتوصل إليه بالبحث العلمي والتجربة المستمرة . أما الجانب الآخر فيتعلق بالإنسان نفسه وتوفير الطمأنينة والأمن النفسي له ليعمل كعضو فعال في مجتمع خلاق تكسبه المودة والإخاء ويلبسه حلل الأخلاق الفاضلة النبيلة ، ومرد هذا ومرجعه إلى تعاليم الله خالق الإنسان وموجد الحياة . إن الذين لم تطمئن نفوسهم ، ولم تقلم أنياب شهواتهم ، ولم توجه رغباتهم هم أبعد من أن يقدموا للناس حضارة علمية متوازنة ، وما لدى المسلم من كنوز الدين وذخائره كفيل بتوجيه العلم الوجهة الصحيحة . المنهج العلمي في كتاب الله الكريم : إن من أهم أهداف الإسلام تزكية النفوس والارتقاء بها إلى مراتب سامقة لإبعادها عن أدران الأهواء وجموح الشهوات ، كما يقدم الدين الإسلامي أيضاً معايير دقيقة واضحة للأعمال البشرية تجد فيها النفوس الحوافز الكافية لكل عمل ، حوافز نحو الخير ، وزواجر عن الشر فكراً وعملاً واعتقاداً . لقد جاء القرآن الكريم بالوعد والوعيد والترغيب والترهيب وتصوير منافع الخير وأهله في أجمل صورة ، وإبراز الشر وأهله في أقبح وأذم حال ، وبيان المآل الطيب للخير الذي تشرئب له النفوس ، والعاقبة الوخيمة للشر الذي تنفر منه النفوس ، كل ذلك ليؤصل في النفس عمل الخير وحبه والبعد عن كل ما هو ضار وغير نافع ، وهذا هو أهم أساس للمنهج العلمي الراشد ، ألا وهو اشتغال الإنسان بما يعود عليه وعلى بني جنسه بالنفع ويعرض عن توافه الأمور وسفاسفها . إلى جانب هذا فقد حض القرآن الكريم على التعلم ودعا إلى اكتساب العلم ونشره بين الناس ورفع من شأنه ومن شأن العلماء ، وإن كان هذا قاصراً على العلم الشرعي غير أن فيه دلالة على أهمية السعي والبحث لتحقيق الخير للعباد ، لقد جاء لفظ العلم ومشتقاته في القرآن الكريم حوالي 765 مرة ن وبلغت الآيات التي تدعو إلى التأمل والتفكر والتدبر والاعتبار وغير ذلك من استشفاف حقائق الكون نحو 750 آية أضف إلى هذا ما جاء في القرآن الكريم من قصص الأمم الغابرة المليئة بالمواعظ والعبر والتي تطلق الفكر للتأمل في رحاب واسعة . لقد كان أسلوب القرآن الكريم واضحاً بيناً يخاطب العقل ويلامس العواطف ويهز النفوس بصدقه وروعته وبيانه ، وكان تدرجه وانتقالاته وفق مدارك البشر وملكاتهم حتى اعترف بذلك أعداء الإسلام ، حيث لا مناص لهم من ذلك ، فقد قال أليكس لوزون " خلَّف محمد للعالم كتاباً هو آية في البلاغة وسجل الأخلاق ، وهو كتاب مقدسي وليس من المسائل العلمية المكتشفة حديثاً أو المكتشفات الحديثة مسألة تتعارض مع الأسس الإسلامية ن فالانسجام تام بين تعاليم القرآن والقوانين الطبيعية " وقال جوته " إن تعاليم القرآن عملية ومطابقة للحاجات الفكرية " وقد أخبر الحق تبارك وتعالى بقوله : " وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " وقال عز وجل : " الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير " والقرآن معجزة الإسلام الكبرى التي يعجز عن الإتيان بمثلها سائر الإنس والجن وأعوانهم ، وهو متناسق البيان محكم البنيان لا يأتيه الباطل ولا يطوله التحريف : " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً " . " أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً " . ولم ينزل القرآن ليكون كتاب علم تجريبي بين قواعد وقوانين الكيمياء والفيزياء والهندسة وغيرها ن بل أنزله الله هادياً ومرشداً للبشر لإصلاح المعتقد وإقرار شريعة الله الخاتمة ، وبيان فضل الأخلاق وفيه سعادة الدنيا والآخرة ن أما الحقائق العلمية فيه فهي من باب إيضاح الحق وتأييده كقوله تعالى : " سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق " . والعلوم التجريبية قائمة كما هو معروف على ظاهرتين أساسيتين هما الحقائق الطبيعية التجريبية والنظريات العلمية ، وفي القرآن الكريم إشارات كثيرة للحقائق الطبيعية والتجريبية والنظريات العلمية ، وفي القرآن الكريم إشارات كثيرة للحقائق الطبيعية والسنن التي فطرها الله وأوجدها والتي لا تتبدل مع مر العصور أما نظريات العلم وافتراضاته وشروحه لتفسير هذه الحقائق فتتبدل وتتغير وفقاً لارتفاع مدارك البشر ودقة معايير الاستدلال لديهم ، وصدق الله العظيم : " يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون " . المصدر: نفساني
|
|||
|
11-05-2002, 05:12 PM | #2 |
( عضو دائم ولديه حصانه )
|
مو جز للعجازين
ولم ينزل القرآن ليكون كتاب علم تجريبي بين قواعد وقوانين الكيمياء والفيزياء والهندسة وغيرها ن بل أنزله الله هادياً ومرشداً للبشر لإصلاح المعتقد وإقرار شريعة الله الخاتمة ، وبيان فضل الأخلاق وفيه سعادة الدنيا والآخرة ن أما الحقائق العلمية فيه فهي من باب إيضاح الحق وتأييده كقوله تعالى : " سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق " . والعلوم التجريبية قائمة كما هو معروف على ظاهرتين أساسيتين هما الحقائق الطبيعية التجريبية والنظريات العلمية ، وفي القرآن الكريم إشارات كثيرة للحقائق الطبيعية والتجريبية والنظريات العلمية ، وفي القرآن الكريم إشارات كثيرة للحقائق الطبيعية والسنن التي فطرها الله وأوجدها والتي لا تتبدل مع مر العصور أما نظريات العلم وافتراضاته وشروحه لتفسير هذه الحقائق فتتبدل وتتغير وفقاً لارتفاع مدارك البشر ودقة معايير الاستدلال لديهم ، وصدق الله العظيم : " يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون " ------ - تراني عدلت على الرد هذا....كم مرة للاسف... و بحط حكمة جديدة تنصح بعدم كتابة الردود عندما تكون داااااااايخ ----- نعتذر لمن قراء الرد الذي قبله |
التعديل الأخير تم بواسطة shrani ; 11-05-2002 الساعة 05:22 PM
|
12-05-2002, 03:31 AM | #3 |
عضو فعال
|
عاش العرب قبل الإسلام حياة جاهلية في معتقداتهم ، تنتشر فيها الأمية حيث كان القراء والكتاب لا يتجاوزون سبعة عشر كاتباً ، فجاء الإسلام وشجع الناس على التعلم واكتساب المعرفة وأبرز لهم أهمية ذلك أيما إبراز ، إذ أوجد في النفوس طموحاً للتعلم ، وجعل المسجد دار العلم الأولى ، يجد فيها المسلم زاد الدنيا والآخرة وحرص الناس على تعليم أولادهم وتثقيفهم وتربيتهم استجابة لنداء الله تعالى :
" فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فأتقوا النار التي وقودها الناس " . " يا أيها الذين أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة " . وقول الرسول الكريم r " في الحديث المتفق على صحته " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " . فكان الاهتمام بتربية الأجيال الصاعدة من الأبناء يمثل حركة التعليم الأولى والخطوة الابتدائية نحو حركة علمية زادها الوحي المنزل ، وتهدف إلى إعمار الدنيا وتحقيق الخير والعلاج والحرص على ما ينفع ، ثم أنشئت الكتاتيب وعمت حركة التعليم المنازل ، فعقدت الندوات العامة والخاصة بها ، وتحرر الفكر من أسباب الجاهلية وتخلص من أوحالها وتعلق بخالقه ، ولفت نظره الكون وما هو عليه من بديع صنع وإعجاز تركيب ، فأحس بحاجته إلى مواكبة الحياة ، حتى يكون جزءاً نافعاً فيها مكملاً لحركة الحياة ، شاعراً بما عليه من التزامات وماله من حقوق ، فإذا الكون الفسيح بسائر أرجائه الواسعة حلقة خصبة يجول بها فكر المؤمن ويرتع ، مستشعراً أن الله قد أوجده لعمارة الأرض واستخلفه عليها . "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها " ويجب أن يكون هذا الاستخلاف بتحقيق عبادة الله التي هي غاية وجود البشر على الأرض ن والتي يتحقق بها استعلاؤهم وعزتهم ونفعهم . " وعد الله الذين أمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي أرتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني ولا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون " . فالدنيا إنما قامت من أجل تحقيق الدين وقيام الناس لرب العالمين ، وفي هذا صلاح للعباد وحياة طيبة لهم ، وهو قمة ما تدعو إليه الحضارة العلمية الراقية ، وهو الهدف الذي يتحقق منها إن وصلت إلى هذا الشأن : " من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة " "يا أيها الذين أمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ". هذا المفهوم السليم : أن بالدين حياة الإنسان الهانئة وسعادته وسبب فلاحه ونجاحه ورقيه وتقدمه وتميزه على سائر المخلوقات ، كانت انطلاقة الحضارة العلمية للمسلمين الأوائل ، وحقق الله على أيديهم إرساء قاعدة بل قواعد الحضارات كلها ، فالاستعلاء يكون للمؤمن : " ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " . والاستعلاء يكون لمن كان الله معه : " فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم " وبهذا انطلق المسلمون الأوائل من صحابة رسول الله r ومن تبعهم لتوطين هذه المفاهيم وتمكينها في النفوس ، وقد عانوا كثيراً في مرحلة التأسيس حتى أنهم لم يجدوا وقتاً كافياً لإظهار نتائجها المادية ، فشغلهم عن ذلك جهاد الأعداء والسعي الحثيث لنشر الدين وإقامة دولة الإسلام ، وقد كانوا يحملون تلك البذرة التي بدأت في النمو والازدهار عندما استقر الحال واستتب الأمر ، ، فحقق بذلك الرعيل الأول صحة المنطق والتوجه ، الصادق وكان الإنتاج والتنفيذ فيما بعدهم من عصور . وهكذا كانت بذرتهم الأولى بدارة حركة العلوم في العالم النابعة من أصول صحيحة والمستمدة من منابع سليمة صافية فحق لها أن تنمو وتزدهر . ازدهار العلوم لدى المسلمين : لقد حقق سلف هذه الأمة من صحابة رسول الله r ومن تبعهم المنطلق الحضاري الصحيح ، وحددوا بما حفظوه من وحي وسنة معالم مضيئة في طريق التقدم والرقي وقيام الحياة السعيدة الراغدة في ظل تحقيق شرع الله مما ساهم في انتشال الناس من ظلم أنفسهم ، وظلم بعضهم لبعض فلما استقر حال المسلمين وأخذوا بالأسباب المادية التي جاءت واضحة في ثنايا تلك المعالم الخيرة ووفقاً لأسس الانطلاقة الراشدة ازدهرت حياتهم وتسلموا زمام العلوم وريادة الفكر وزعامة الأمم . وهكذا وجد العالم الباذل وقته وجهده في تحصيل العلم والمعرفة والنهل من ينابيعها الصافية ووجد طلبة العلم السعادة في تحصيله ووجد الباذلون من أموالهم والساعون في سبيل إرساء قواعد العلوم ، وحث الناس على التعلم ، فأنشئت المدارس المنتظمة التي كانت كالجبين الناصع في تاريخ الأمة الإسلامية فكانت المدرسة النظامية التي0 بناها نظام الملك في بغداد ، والمدرسة النورية الكبرى التي بناها نور الدين الزنكي في دمشق وغيرها في القاهرة وبغداد وبلاد المغرب ، والتي امتدت منذ القرن الخامس الهجري . وقد كان للمكتبات دور كبير في تنشيط الحركة العلمية ودفعها ، إذ لم يقتصر دور هذه المؤسسات العلمية على خزن الكتب وتجميعها وتصنيفها ، بل كانت تقوم بعقد النوادي الفكرية ، وتقيم المناظرات والمناقشات وتثري حركة التعليم بتشجيع التدوين والتأليف والترجمة وإرسال البعثات ، وما أكثر ما عقد من حلقات للدارس واستقطاب للمشاهير من العلماء وإكرامهم فكانت ملتقى علمي وخلية يدور حولها الدارسون ينهلون مما تكتنفه جنباتها من كنوز نادرة قيمة . وتعد بيت الحكمة من اشهر المكتبات وأبرزها دوراً وتأثيراً في النهضة العلمية الإسلامية حيث ازدهرت في عهد المأمون الذي جند لها عدداً كبيراً من المتخصصين في ترجمة العلوم ، فجاءت تحمل زبدة الفكر اليوناني والفارسي والهندي واشتهرت في الفلسفة والمنطق والطب والفلك . لقد كان للترجمة دور كبير في النهضة العلمية عند المسلمين فلم تمض ثمانون عاماً على تأسيس بغداد حتى قرأ المسلمون بلغتهم العربية معظم حضارة اليونان العلمية وفلسفات وعلوم الفارسية والهندية ، وانتشر العلم وبرز العلماء الذين يشار لهم بالبنان بينما كان الجهل والضلال يسود العالم الغربي ، بل العالم كله شرقه وغربه حتى قال هياتي في كتابه تاريخ العرب " بينما كان الرشيد والمأمون يخرجون كنوز الفلسفة اليونانية كان معاصروهم في الغرب من أمثال شارلمان وسادة مملكته يتعثرون في كتابة أسمائهم " . من آثار المد العلمي الإسلامي : خلف المسلمون حضارة علمية بارزة وتراثاً انحدرت منه مختلف الحضارات وكان أساساً لسائر العلوم ومنبعاً لكل رقي وتقدم حقيقي عرفه الناس ، وليس فخراً أن نقول : إن علماء المسلمين كانوا أول من أسس جامعة علمية كان مقرها في فاس ببلاد المغرب ، ,انهم أول من حاول الطيران وأنهم برعوا في الكيمياء و والجبر واختراع الأرقام واكتشاف الدورة الدموية وبرعوا في علم التشريح ووضع قوانين علم الضوء في الفيزياء ، وغيرها ، بل إنه من الحق والإنصاف أن يقال هذا وأن يقر للمسلمين أ،هم صانعوا هذه الحضارة العلمية وروادها الأوائل وأنهم قد وضعوا الأسس العلمية المنطقية الراقية التي لم يعرفها علماء الغرب وغيرهم إلا بعد قرون بل إن سائر مكتشفات اليوم ومخترعاته كان للمسلمين مساهمة أولية ، مهما صغر حجمها في دفع حرة الاتجاه العلمي نحو البحث عنها والكشف عن مجاهيل كثيرة في طريق إيجادها وتطويرها . ولا غرابة أن تجد كل منصف من المؤرخين وغيرهم يقر بهذا للمسلمين ويبين أنهم كانوا رواد الحضارة بل إن الحضارة قد ترعرعت واشتد عودها بجهودهم وعملهم الدؤوب فهذا جورج شارتون الفيلسوف المؤرخ يقول " المسلمون عباقرة الشرق في القرون الوسطى لهم مآثر عظمى على الإنسانية ، تتمثل في أنهم تولوا كتابة أعظم المؤلفات والدراسات القيمة ، وأكثرها أصالة وعمقاً مستخدمين في ذلك لغتهم العربية ، التي كانت بلا مراء لغة العلم للجنس البشري في الفترة الواقعة بين منتصف القرن الثامن الميلادي وحتى نهاية القرن الحادي عشر ، لدرجة أنه كان يتحتم على الشخص الذي يريد الإلمام بثقافة عصر وبأحدث ما يجري في العلوم أن يتعلم اللغة العربية " كما يقول لويو بونج أستاذ العلاقة الأجنبية بجامعة برنستون الأمريكية في محاضرة له " وبعد فهذا سرد تاريخي قصد منه التذكير بالدين الثقافي الذي ندين به للإسلام ، منذ أن كنا نحن المسيحيين نسافر إلى العواصم الإسلامية وإلى المعلمين ندرس عليهم العلوم والفنون وفلسفة الحياة " . إن أثر الحركة العلمية الإسلامية على التراث العلمي العالمي أكثر من ذلك بكثير فقد تجاوز دور العامل الوسيط المؤقت للحضارة والدافع لزمامها فترة من الزمن ، والحامل لها والناشر للوائها ، وقد تجاوز العلماء المسلمين على دور التعليم والتوجيه والفضل في النبوغ والاكتشافات فقد كان للمسلمين الأوائل فضل تحويل منهج البحث العلمي من المجال النظري الفلسفي إلى المجال العلمي التجريبي باستخدام طرق الاستدلال الحسية والعقلية ن ثم استقراء واستنباط النتائج المعملية بخطوات منطقية تبدأ بالمقدمات النظرية وتحليل ظروف العمل وخطواته ثم اختيار الأدوات والآلات وشرح طريقة العمل بالتفصيل ، وهذا ما يسمى بمنهج البحث العلمي ، وهو المنهج الحديث للعلوم والأبحاث وعليه كان للمسلمين الفضل في تقدم العلوم وظهور الاكتشافات وغيرها . لقد كان المسلمون أول من أوجد مثل هذا المنهج وعرفه للناس وأظهره لهم ، فكان أساساً متيناً للحضارة والرقي العلمي المشاهد اليوم ، وقد كان الفضل في إيجاد هذا المنهج العلمي الحديث لدى المسلمين الأوائل عائداً لتوجيه التشريع الحنيف من أمثال قوله تعالى : " يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج " . مما أصّل في نفوس المسلمين التوجه للجانب العلمي النافع والبعد عن السفسطات النظرية والفلسفات الجدلية التي كانت سائدة وطاغية على العلوم في تلك الآونة . يقول بريفولت في كتابه في كتابه بناء الإنسان " إن ما يدين به علمنا للغرب ليس فيما قدموا من كشوف مذهلة لنظريات مبتكرة بل يدين لهم بوجوده نفسه ، فالعالم القديم كما رأينا لم يكن للعلم فيه وجود ، وقد نظم اليونان المذاهب وعمموا الأحكام ووضعوا النظريات ولكن أساليب البحث في داب وأناة وجمع المعلومات الإيجابية وتركيزها والمناهج التفصيلية للعمل والملاحظة الدقيقة المستمرة والبحث التجريبي كل ذلك كان غريباً تماماً عن المزاج اليوناني إن ما ندعوه العلم قد ظهر في أوربا نتيجة لروح من البحث جديد ، ولطرق من الاستقصاء مستحدثة ، وهذه الروح وتلك المناهج أوصلها العرب إلى العالم الأوربي " وفي هذه الشهادة لبريفولت دلالة كافية على الأثر العظيم للحركة العلمية الإسلامية في إنشاء وإيجاد العلوم النافعة ، ووضع منهج البحث الجاد ، فأخذت العلوم والأبحاث عند تطبيقه طابعاً متميزاً من التطور الحثيث المستمر . |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|