|
|
||||||||||
الملتقى العام لكل القضايا المتفرقة وسائر الموضوعات التي لا تندرج تحت أي من التصنيفات الموجودة |
|
أدوات الموضوع |
02-03-2003, 12:34 PM | #1 | |||
عضـو مُـبـدع
|
وتمنيت لو أفقت منذ سنين
المكان: مدينة عربية (سابقاً)
============================ التاريخ: السبت 5 نوفمبر 2010 الساعة الثامنة صباحاً ------------------------------------------------- أقف طابوراً طويلاً فى سكون وصمت أمام بوابة كليتى.. إنه الإجراء اليومى المعتاد.. تنفيذاً لللائحة الأمريكية الجديدة لقانون الجامعة المعدل.. * يتم تفتيش جميع الحقائب قبل الدخول وأثناء الخروج * يحرم من الدخول من يثبت أنه يرتدى زياً لم يصنع فى أمريكا * ممنوع دخول المحجبات نهائياً.......... وإخترقت صيحة تمتلئ بالتحدى ذلك الصمت: "لن أخلع حجابى.. ولو كلفنى ذلك حياتى".. كانت طالبة محجبة أرادت الدخول فاستوقفها جندى أمريكى مدجج بأحدث الأسلحة.. أشار إليها فى صرامة: "أنتى تعلمين القوانين جيداً".. أجابت بلهجة أكثر تحدياً: "هذه قوانينكم أنتم وليست قوانين بلــ..." لم تستطع المسكينة أن تكمل عبارتها.. بل أطلقت صرخة ارتج لها جسدى.. وتزلزل لها كيانى..، لقد صفعها الجندى على وجهها فسقطت أرضاً وسقط معها ما تبقى فى نفسى من كرامة وعزة نفس.. ثم قام ذلك الوغد بنزع حجابها وألقاه فى وجهها قائلاً: "هذا مجرد تحذير بسيط" لحظتها تمنيت لو قطعت يديه أو مزقت جسده.. تمنيت لو قتلته ألف مرة.. ولكنى لم استطع.. ولم يستطع أحد أن يفعل شيئاً.. شعرت بالامتهان والعجز.. شعرت بالذل والضعف.. أردت أن أصرخ لصراخها.. أردت أن أبكى لبكائها.. ولكن حتى هذا لم أستطع أن أفعله.. عندها.. تمنيت لو انشقت الأرض وابتلعتنى. (Your Card!! أفقت على هذا السؤال من أحد الجنود.. وفى حسرة واستسلام أسرعت بإخراج كارنيه الكلية.. ظل يحملق فىّ ثم قال: "Your bag".. فتحت حقيبتى ثم أخذ الجندى يقلب فى محتوياتها بدقة.. ثم أشار إلىّ بإزدراء.. سامحاً لى بالدخول.. لا أدرى كم مر من الوقت ولازالت صرخة الفتاة لا تفارق خاطرى لحظة.. وجدت نفسى فى المحاضرة والمحاضر الأمريكى يبدأ بالشرح.. كانت محاضرة فى التاريخ.. بالطبع لم يكن تاريخنا.. بل تاريخههم هم.. تاريخ مجموعة من اللصوص.. سرقوا الأرض.. أبادوا الشعوب.. نهبوا الثروات.. ثم استعمروا الدنيا كلها.. تاريخههم الأسود.. تاريخ الدم.. تاريخ أمريكا وإسرائيل.. وبدأ بالشرح: "يجب أن تفتحوا صدوركم للعلم والتكنولوجيا والحضارة.. يجب أن تنسوا ماضيكم..!! إن تاريخكم يبدأ حين جئناكم..!! آن الآوان أن ينتهى الإرهاب والتزمَّت والرجعية.. آن الآوان أن ينتهى الإسلام.. لحظتها أدركت معنى أن يحيا الإنسان بلا كرامة.. أو دين.. لحظتها فقط.. تذوقت مرارة الهزيمة. ================================================== ========= التاريخ: الجمعة 20 يناير 2020 الساعة السابعة والنصف صباحاً --------------------------------------------------------- كان صباحاً ملبداً بالغيوم.. فى يوم من أيام الشتاء القارص.. إصطحبت طفلى الصغير إلى مدرسته كعادتى.. ضممته إلى صدرى فى حنان.. وأنا أضع له سندوتش الهامبورجر وزجاجة الكولا فى حقيبته الأمريكية الصنع.. لا أدرى لماذا سألته بذهن شارد: "أتدرى يا بنى أن يوم الجمعة كان حتى وقت قريب هو الأجازة الإسبوعية الرسمية.. وليس يوم الأحد؟!! أجابنى متسائلاً فى دهشة: "why dad?".. وجدتنى أرد عليه بحدة: "قلت لك ألف مرة تحدث بلغتك العربية وليس بهذه اللغة..!!" أجابنى ببراءة تملأ عينيه: "ولكنهم يجبروننا على ذلك بالمدرسة يا أبى..!!" تمالكت نفسىوكتمت حسرتى.. ورحت أتأمل قميصه الأزرق ذا النجوم فى أحد أطرافه.. لقد أصرت اللوائح الجديدة على أن يكون هذا هو الزى الرسمى لجميع الطلاب فى جميع المراحل..!! أخرجت له دولاراً أمريكياً وضعته فى يده.. ثم ودعته.. ورحت أرقبه من بعيد وهو يقف لتحية العلم فى طابور الصباح.. أشعر بمرارة فى حلقى.. وآلام رهيبة تعتصر قلبى..!! لم تكن الراية هى راية بلادى.. بل كانت راية أعدائى..!! إخترقت صيحة الطلاب جسدى كالرصاص.. كأنها صيحة الموت تهتف، تنادى: "عاشت أمريكا قائدةَ لكل البشرية.. عاشت الإمبراطورية الأمريكية".. ملأتنى الحسرة.. خنقتنى العبرة.. واختلطت دموعى بمطر السماء المنهمر.. ومن قلب الهزيمة.. انطلقت صرختى.. صرخة مهزوم منكسر..!! ليتنى فقدت عينى قبل أن أرى ولدى يُحيّى راية أعدائى.. ليتنى فقدت روحى وحياتى.. ليتك مَتّ قبل هذا اليوم.. يا ولدى..!! ================================================== ========= التاريخ: الإثنين 15 ديسمبر 2040 الساعة الثالثة صباحاً --------------------------------------------------- لا أستطيع النوم.. الوقت يمضى ثقيلاً بطيئاً..!! الهم والحزن يملآنى.. أشعر أننى غريب بين أهلى.. حبيس فى وطنى.. قررت أن أسافر إلى أحب الأماكن.. إلى النبى - صلى الله عليه وسلم -.. إلى الكعبة.. قررت أن أحج إلى بيت الله الحرام..!! وفى الصباح كنت أقف فى طابور طويل أمام مبنى السفارة الأمريكية للحصول على تأشيرة الحج.. لقد رجع معظم الواقفين.. فطبقاً للقانون الأمريكى الجديد.. ممنوع الحج لمن تتراوح أعمارهم بين 15 و 50 عاماً..!! سأخوض كل التعقيدات.. سأحج مهما كلفنى الثمن.. أخيراً قابلت المحقق الأمريكى.. سألنى عن كل شئ.. عن معارفى.. أقاربى.. لماذا أحج..؟ وهل هناك دوافع غير دينية وراء الحج.. إلخ..!! أحيراً.. حصلت على التأشيرة.. أنا الآن فى الطائرة.. أتصفح كتيب تعليمات الحج وفقاً لقانون الطوارئ الأمريكى: * محظور طواف الحجاج مجتمعين.. إن ذلك صورة من صور التجمهر المرفوض..!! * يحذر من غجتماع الحجاج من أجناس مختلفة.. هذا يعد سعياً لإنشاء تنظيم دولى يدعو إلى معاداة النظام الأمريكى..!! * ممنوع ذبح الأضحية يوم العيد.. إن هذا يخالف مبادىء الرفق بالحيوان..!! ملحوظة: تم إلغاء رمى الجمرات من مناسك الحج.. فذلك بمثابة إحياء روح المقاومة..!! لم أستطع أن أكمل.. أغلقت الكتيب.. ورحت أتأمل خريطة العالم الحديث فى أخر صفحاته.. لقد تغيرت المعالم كثيراً.. بحر الأمريكان الأعظم.. بحر إسرائيل.. (البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر سابقاً).. لم يعد هناك ما يسمى بنهر النيل أو بحيرة ناصر أو السد العالى.. بل أصبح نهر اليهود وبحيرة بن جوريون وسد بلفور.. وفى المنتصف.. مكتوب بخط واضح.. دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.. العاصمة أورشليم (القدس سابقاً).. أهم المعالم.. حائط المبكى وهيكل سليمان.. أما المسجد الأقصى فقد تم هدمه بعد أن منعت فيه الصلاة فى مدة طويلة.. وإقيم هيكل سليمان فى احتفال ماسونى هائل ضم كبار الشخصيات العالمية.. و.. "على جميع الحجاج ربط الأحزمة.. استعداداً للهبوط فى السعودية.. إحدى ولايات الإمبراطورية الأمريكية" هبطت الطائرة فى مطار كينيدى بالمدينة المنورة.. توجهنا إلى المسجد النبوى.. وهناك.. أمام قبر النبى - صلى الله عليه وسلم -.. كنت أقف.. الحيرة تملئنى.. أريد أن أشكو إليه.. ولكنى لا أستطيع.. ماذا أقول له..؟! هل أقول له أمتك صارت مستعبدة من عدوها..؟! هل أقول له دينك أصبح تهمة يخاف الناس من ذكرها..؟! إختلست نظرة إلى القبر الشريف أروى بها ظمأ حنينى وشوقى إلى صاحبه.. عدت بعدها مطأطأ الرأس منكسر النفس.. "go away.. don't stop here".. قالها الجندى الأمريكى بكل غطرية وتكبر.. شعرت أنهم أكبر من كل شئ.. شعرت أنهم أكبر من كل الدنيا.. شعرت أنهم أكبر بأسلحتهم.. أكبر بطائراتهم.. أكبر بجبروتهم.. الله أكبر.. الله أكبر إنه صوت الأذان.. يشق عنان السماء.. يعلو بالتكبير.. كان أذان فجر بعد ليل طويل.. آااااه.. كم اشتقت إلى ذلك النداء بعد أن منع فى بلادى منذ أمد بعيد.. عندها.. تحولت صرختى إلى عزم وتصميم.. آن الآوان أن أعيد مجد الماضى.. آن الآوان أن أغير واقعى الأليم.. ندمت على ما مضى.. وتمنيت لو أفقت منذ سنين.. المصدر: نفساني
|
|||
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|