العلاج بالضرب

العلاج بالضرب

بسم الله الرحمن الرحيم
العلاج بالضرب:



يلجأ بعض المعالجين بالرقية الى استخدام الضرب في علاج من يشتبهون بتلبس الجن له ويستشهدون لذلك بفعل شيخ الإسلام ابن تيمية بشكل خاص وكذلك بما لاحظوه من نفع هذا الاسلوب من خلال ممارستهمه

هل كان التبي صلى الله عليه وسلم يخنق أو أمر بالخنق أثناء الرقية:





لم يرد ذلك عنه صلى الله عليه وسلم وأقصى ماكان منه صلى الله عليه وسلم أنه أخذ بمجامع ثوب الغلام دون أن يخنقه0
وقد يستشهد البعض خطأ على جواز الخنق بمارواه البخاري في صحيحه من حديث ابي هريرة رضي اله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:[[ان الشيطان عرض لي فشد علي ليقطع الصلاة علي فأمكنني الله منه فذعته ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظرواإليه فذكرت قول سليمان عليه السلام {قال رب أغفر لي وهب لي ملكا لاينبغي لأحد من بعدي} فرده الله خاسئاً (رواه البخاري1152)ومسلم بلفظ آخر1209 (معني فذعته-فخنقته)
وكذلك ماجاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه قالL(قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول أعوذ بالله منك )ثم قال (ألعنك بلعنة الله ثلاثا )وبسط يده كأنه يتناول شيئاً فلما فرغ من الصلاة قلنا:يارسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئاً لم نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك !قال:" إن عدوالله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت:أعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت ألعنك بلعنة الله قلم يستأخر ثلاث مرات ثم أردت أخذه والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقاً بها يلعب به ولدان أهل المدينة (رواه النسائي)
ولذلك وجب أن ننبه إلى أن هذه الأحاديث الصحيحة تتعلق بضربه صلى الله عليه وسلم للجن مباشرة وليس من خلال الإنس أثناء الرقية حيث إن هذا الأمر قد اختلط عند الكثيرين ممن يقرؤون كلام أهل العلم في هذا الباب
وقد سئل الشيخ غبد العزيز بن بازرحمه الله عن حكم استعمال الخنق والضرب لمن يعتقد أن فيه جاناً؟
فأجاب :هذامايفعله الناس والذي ينبغي تركه لأنه قديتعدى عليه وقد يضره على غيربصيرة ولقد ورد عن بعض الأئمة فعل ذلك مث الضرب وهذا يحتاج إلى نظر فأن الخنق والضرب قد يترتب عليه هلاك المريض والمشروع والمعروف هو القراءة فقط بالآيات والدعوات الطيبة وهذا فيه خطر فقد يأتي إنسان يدعي الرقية والطب ويؤذي الناس بالضرب والخنق وربما قتله وهو يريد نفعه فالواجب عدم فعل ذلك وعدم التعرض لهذا الخطر العظيم ولوكان خيراًلبينه النبي صلى الله عليه وسلم وبينه الصحابة رضي الله عنهم ثم هذا في الغالب تخرصات قد تفضي إلى هلاكالمريض(مجلة الدعوة عدد 1543(17/1/1417هـ)

التفسير الطبي لأثر الخنق أثناء الرقية:





حينما يقوم الراقي بخنق المراقي عليه فإنه يضغط دون ان يدري على مستقبلات عصبية معينة تقع في جدران شرايين الرقبة وتعرف هذه المستقبلات عند الأطباء باسم (B ARoREcEpToRs)والتي تعمل أساساًعلى ضبط ضغط الدم في الجسم من خلال تأثيرها الانعكاسي على ضخ الدم من القلب فإن الشريانين يمتلئان بالدم مما يؤدي إلى زيادة ضغط الدم فيهمافيؤدي إلى تنبيه تلك المستقبلات العصبية التيترسل بدورها عبر مركز معين في المخ(vasomotor center)إشارةإلى القلب فتخف قوة ضخ الدم وبالتالي ينخفض ضغط الدم 0ولذلك حينما يضغط الراقي بكلتي يديه على الرقبة فإن تلك المستقبلات العصبية بسبب شعورها بالضغط عليهاترسل رسالة خاطئة إلى القلب مفادها أن ضغط الدم مرتفع وذلك لأن تلك المستقبلات لاتفرق بين ازدياد الضغط من خارج الشريان أومن داخله واستجابة لذلك تخف قوة ضخ القلب للدم عن المعدل الطبيعي لى معدل منخفض وباستمرار ضغط الراقي يستمر ويزدادذلك الانخفاض في ضغط الدم حتى يصل حداًيفقد معه المرقي عليهقدرته على التركيز وقد يفقد وعيه وبالتالي لايدرك شيئاًمما قد يحدث بعد ذلك ولو استمر الراقي في ضغطه على رقبة المرقي عليه فقد يؤدي ذلك أيضاًإلى الوفاة0
والطريف في الأمر من الناحية الفسيولوجية الطبية فإن ما يحدث هنا هو تماما ما يمارسه بعض المصارعين والذي يطلق عليه(((المسكة المنومة)))!!



هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يضرب أثناء الرقية أم كان يقتصر على الزجر.؟

قال الإمام ابن تيمة رحمه الله:ولهذا يحتاج في إبراء المصروع ودفع الجن عنه الىالضرب فيضرب ضرباًكثيراً جداً-مجموع الفتاوي 19/60
لعل الناظر في جمع الأحاديث الواردة في شأن الرقية لايجد فيها ما يدل على أن النبي قدضرب أحدً
إلافي موضعين0
الأول:ماأخرجه الهيثمي من حديث أم أبان بنت الوازع بن زارع عن أبيهاأن جدها أنطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن له مجنون فقال: "أدنه مني واجعل ظهره ممايليني" فأخذبمجامع ثوبه من أعلاه وأسفله فجعل ضرب ظهره ويقول :"أخسأ عدوالله "فأقبل نظر نظر الصحيح- ورد الحديث في مجمع الزوائد للهيثمي9/3وقدرواه الطبراني في المعجم الكبير5/572من طريق مطر بن عبد الرحمن الأعنق عن أم أبان وسنده ضعيف فإن أم أبان غير معروفه ذكرها الذهبي في المجهولات(تخريج الشيخ سليمان العلوان)

والثاني:ما رواه أبن ماجه عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال: لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف جعل يعرض لي شئ في صلاتي حتى ماأدري ماأصلي فلما رأيت ذلك رحلت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ابن أبي العاص "قلت:نعم يا رسول الله عرض لي شيئ في صلواتي حتى ماأدري ما أصلي قال :ذاك الشيطان ادنه"فدنوت منه فجلست على صدور قدمي قال فضرب صدري بيده وتفل في فمي وقال:اخرج عدوالله" ففعل ذلك ثلاث مرات ثم قال:"الحق بعملك"-رواه الحاكم وقال هذا حديث صحيح الاسناد راجع سنن ابن ماجه(2/ 1174 -1175 (53548وصححه الألباني رحمه الله في صحيح ابن ماجه (2/273,ح2858

وأما الحديث الأول فهو ضعيف قال الهثمي:رواه الطبراني وأم أبان لم يروعنها مطرقال الحافظ: عن أم أبان أنها مقبولة تقريب التهذيب 0(2/619)
وأماماوردفي حديث عثمان بن أبي العاص فإن وصف الضرب الواردلايعني بالضرورة الضرب المتعارف عليه بين الرقاةوإنما هو أشبه مايكون بوضع اليد بقوة على الصدر أوضربة واحدة وليس ضرباًمتكرراً كما هوحاصل
وأماما سوى ذلك من الأحاديث الوارد في شأن الرقية على اختلاف درجة صحتها فليس فيها مادل على أنه قد ضرب صلى الله عليه وسلم أوأمر أحداً بضرب المصروع وإنما أقصى ماكان منه أنه كان يزجر
هل عدم تأثرالمضروب بالضرب أثناءالرقيةيعني عدم وقوع الضرب عليه؟




قال شخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله والضرب إنما يقع على الجني ولاحس به المصروع حتى يفيق المصروع ويخبر ا نه لم يحس بشئ من ذلك ولايؤثر في بدنه ويكون قد ضرب بعصاقوية على رجليه نحوثلاثمائة أو أربعمائة ضربة وأكثر وأقل بحيث لوكان على الإنسي لقتله وإنما على الجني والجني يصيح ويصرخ—مجموع الفتاوي(19/60
وهذا القول ليس له مايدعمه من الأدلة والنصوص الشرعية وإنما هو وصف شيخ الإسلام رحمه الله لما شاهدهوإذا قبلنا جدلاً بأن المضروب لايتأثربالضرب فإن ذلك ليس بالضرورة دليلاً على عدم وقوع الضرب عليه وكما نعلم جميغاً أن المريض تحت تأثير البنج لايشتكي من الألم أثناء العملية الجراحية إلا أنه حينما يفيق يشعر بآلا م تلك الجروح وكذلك أيضاًُ فإن بعض الناس تحت بعض الظروف النفسية يمكن أن يقل عنده الشعور بالألم بدرجةشديدة لايحس معها بالألم كما يحدث عندما يشعرالإنسان بخوف شديدين من حيوان مفترس مثلا فيجري بين الأشواك وتجرح قدماه وتسيل منه الدماءولاشعر بشئ من ذلك حتى يقل الخوف عنده ومثل ذلك أيضاً مايحدث عند بعض الطوائف في بعض شعائرهم التعبدية حيث يضربون أنفسهم بالسلاسل حتى تسل منهم الدماء وهم لايشعرون بألم بل على النقض من ذلك فهم يشعرون بمتعة روحانية!!ولكن بعدفتره قصرة من انتهاء تلك الشعيرة فإنهم يشعرون بالألم وكذلك ربما يكون بعض من يعالجون بالضرب أثناء العلاج إلا انهم بعدانتهاءئه يشعرون بالألم والحاجة إلى الراحة مما يدل على أن الضرب قد وقع على أجسادهم0
هل شفاء المريض بالضرب يعني بالضرورةأن به مساًمن الجن وأن هذاالنوع من العلاج علاج صحيح؟




ان شفاء المريض بالضرب لايعني مطلقاً أن الضرب علاج صائب كما لايدل على صحة الاعتقاد الذي قام على اساسه هذا النوع من العلاج وهذا أمر ملاحظ ومشهود عند الأطباء الذين يستخدمون أحياناً بعض الأدوية الوهمية ) (placbo)به التي تخلومن أي مادة كيميائية فعالة في الأبحاث (العلمية لاختبارفعالية الدواء الجديد بفعالية الدواء الوهمي وقد لوحظ أن تلك الأدويه الوهمية تثبت فعاليتها بنسبة تصل أحياناًإلى 30% من المرضى الذين يظهرون تحسناً كلياًُ أوجزئياً مع العلم أنها لاتحتوي آية مادة كيميائية فعالة إلا أن الاستعداد النفسي للتأثر ربما كان هو السبب الأهم وراء ذلك ومن الملاحظ أيضاً أن حجم ولون الدواء وعمرالمريض وجنسه وكذلك مدى القابلية للايحاء عندالمريض تؤثر علي درجة استجابة المريض لذلك الدواء0

د/طارق الحبيب

المصدر: نفساني