|
|
||||||||||
الملتقى العام لكل القضايا المتفرقة وسائر الموضوعات التي لا تندرج تحت أي من التصنيفات الموجودة |
|
أدوات الموضوع |
29-05-2017, 03:08 AM | #1 | |||
( عضو دائم ولديه حصانه )
[ نفس منفوسه ]
|
حــــديــقــة الإنسان
أنهى الثور إفطاره على عجل ، ونادى بأعلى صوته على بقرته التي تتزين أمام المرآة منذ ساعتين ..! لتجيبه بتأفف أنها قادمة ، علماً بأنها قادمة منذ ساعة ونصف تقريباً .. نظر إلى عجليه الصغيرين في حنان ، لا زالوا صغاراً ، أمامهم الكثير ليتعلموه .. لقد قرر أن يتنازل قليلاً عن بعض أعماله وانشغالاته بغرض قضاء أكبر وقت ممكن مع عائلته ، ذاك أن سبباً مهماً من أسباب انهيار الأمم السابقة ، اتساع الفجوة بين أفراد العائلة الواحدة ..! وانقسام الجماعات الكبيرة إلى جماعات صغيرة ، حتى بات كل فردٍ يشكل قطيعاً خاصاً به .! اليوم وعدهم بزيارة لحديقة الإنسان .. صحيح أنه يعدهم بذلك منذ وقتٍ طويل .. لكنه اليوم جاد جداً في وعده لهم قطع سيل أفكاره خروج بقرته الحبيبة وهي تقول : أنت لا تقدر أن للأنثى حاجاتها كما أن لديكم حاجات ! علي أن أحافظ على نضارتي ، وأنت لا تتيح لي ذلك .. أليس ما لفت انتباهك إلي هو جمالي الذي لا تساعدني حتى أحافظ عليه ؟ أراد أن يجيبها بأنه لا علاقة للجمال بالأمر ، وأنه لا يستطيع أن يفرق ـ من حيث مقاسات الجمال ـ بين بقرة وأخرى .! إن هي إلا بقرة مناسبة وكفى .! لكنه اعتذر على كل حال ، فهو ثور كبير ، عرك الحياة جيداً ، وعرف أنه مع الأنثى خاسر لا محالة في أي معركة حوارية خرج من البيت ، واستنشق هواء الصباح البكر ، إنه سعيد حقاً .. كل هذه المراعي الخضراء ، والغابات المطيرة ، كانت في يوم من الأيام أبراج ضخمة ، وعمائر كبيرة .. كل هذه الأرض التي تتنفس أمامه ، وتعطر الدنيا بزفراتها المنعشة .. كانت مخنوقة بمادة نسي ما اسمها ، أخبره عنها جده ( يقصد الاسفلت ) الذي أخبره عنها جده هو بدوره .! سمع أنه كثرت الأبراج والسكنات ، حتى أنه أصبح لكل فرد من الأمة التي حكمت العالم قبلهم سكن خاص به ، وبرج خاص به ، وقطعة أرض خاصة له .. وبعض الأفراد حصلوا أكثر من غيرهم ، والبعض ـ مات بالتأكيد ـ لم يحصل على أي شيء ..! هو لم يفهم ما أخبره جده بالضبط .. لماذا يعيش المرء وحده .! هل قام بفعل مشين ، هل قتل أحد أفراد القطيع مثلاً فاضطروا لعزله ..! إنه لا يعرف ، حكمته لم تعانق السماء بعد .. لكنه سوف يتعلم أكثر ، حتى تعانق حكمته عنان السماء .. مروا على طريقهم بعائلة من الأسود ، ألقوا عليهم تحية الصباح .. صادفوا كذلك النمر الضخم ـ وهو بالمناسبة صديق عزيز له ـ فعانقه في حرارة ، وسلم على بقرته وعجوله وداعب عجليه الصغيرين ، ثم مضى في طريقه .. في الماضي ـ خلال فترة حكم الأمة التي سبقتهم ـ كان الحيوان يأكل أخاه الحيوان ( بدافع من جوع فقط ) لذلك قرر زعيمهم الحكيم ( وهو الأسد بالمناسبة ) ألا يخرج أي حيوان من بيته إلا وهو ممتلئ البطن تماماً .! ومن يقبض جائعاً سوف ينفى إلى حديقة الإنسان ، هناك حيث يعمل في إطعامهم ، وحراستهم .. لقد تعلم الحيوان كيف يروض غرائزه ، أوليست تسمى ( غرائز حيوانية ) لذلك كان من الطبيعي أن يتحكم الحيوان بغريزته .. تلك الغريزة التي فشل ( البشر ) في التحكم بها ، لأنها ليست لهم ، لم تكن غريزتهم ليجيدوا التحايل عليها ..! هل حقاً كما أخبره جده عن جده عن جدهم الأكبر الثور العظيم ، أن هذه الأرض كان يحكمها الإنسان في يوم من الأيام ..! إنه ثور مؤمن ، يصدق ما جاءت به روايات الأقدمين ، ويحترمها ، وسوف ينقلها لأبنائه ، حتى يعتبروا مما حصل للأمم التي كانت قبلهم ..! تنبه من شروده على صوت عجله الصغير وهو يصرخ فرحاً : هييه وصلنا .! إن عجله الصغير لم يشاهد بشرياً من قبل ، لكنه ـ حتماً ـ عرف ذلك من رائحتهم .! لا بد وأن هذه الرائحة الكريهة هي رائحة البشر .. دخلوا إلى الحديقة الضخمة ، مئات الأقفاص المتناثرة ، بشر من كل الأنواع ، أسود ، أبيض ، أشقر ، لاتيني ، شرق آسيوي ، وغيرهم من الأنواع ..! كان لكل صنف من البشر قفص كبير يجمعهم ، إلا صنف واحد فقط لديهم أكثر من عشرين قفصاً ..! كان قد شاهدهم من قبل ، لكنه أحب أن يعتبر عجوله الصغار من رؤيتهم ، فأسرع الخطى نحو مجموعة أقفاصهم ..! سلم على الحمار العجوز الطيب حارس الأقفاص ، الحارس الوحيد الذي استطاع تحمل حماقات من فيه .. قرأ اللوحة الإرشادية المكتوبة أمام جميع الأقفاص ( الإنسان العربي ، يعيش في شبه الجزيرة العربية ) لاحظ الإقبال الهائل الذي تشهده تلك الأقفاص من جميع الحيوانات ، قرود ، كلاب ، خنازير ..! كلهم يتفرجون ـ وبالمئات ـ على تلك المخلوقات .. ترجم تساؤلاته على شكل سؤال ، ليجيبه الحمار العجوز .. الكلام بيني وبينك ، يقولون أنهم يشبهونهم كثيراً ، فوضويتهم ، عاداتهم ، طريقة عيشهم ، لذلك تقبل الحيوانات على أقفاصهم .. طلب الثور من الحمار العجوز بكل أدب ، أن يشرح لعجوله الصغار بعض ما يعرفه عن ( العرب ) فقال : يروى أن العرب كانوا أمة عظيمة ، حكمت العالم في يوم من الأيام ، ارتفعت أصوات التعجب والاستغراب والاستهجان من بقرته وعجوله فقاطعهم أن ( أشششش ) ، ليكمل الحمار حديثه : أقول أنهم حكموا العالم بالسلام والمحبة والخير والعمل ، وتقول الروايات أنه كان لديهم كتاب عظيم ، ينظم حياتهم ، ويكفل لهم ضمان العيش الرغد في الحياة الأولى والحياة الثانية ، كان يحثهم على التكافل ، والرحمة ، والإيمان ، إلا أنهم أضاعوا هذا الكتاب ، وانشغلوا بدنياهم ، أضاع الذكر منهم عائلته وانشغل عنهم بالتجارة والأعمال ، لقد شعر الثور أنه كان إنساناً قبل أن ينصحه أصدقاؤه بالانتباه إلى عائلته أكثر ، ثور صديق أخبره بأنه يمتلك القوت ، والمراعي الخضراء الشاسعة ، والمسكن الدافئ ، والعائلة الجميلة ،، فلماذا يخرج كل يوم ويترك عائلته ليجمع المزيد من الطعام ..! سأل الثور الحمار : ولكن لماذا تضعونهم في أقفاص متفرقة ؟ تنهد الحمار في حرقة : أنظر أيها العزيز ، أقسم لولا أن الأقدمين نصحونا بحسن معاملة هذه الأصناف ، لأحرقناهم منذ زمن ، إن تاريخهم بالإساءة ـ البشر عموماً ـ لنا نحن معشر الحيوانات تاريخ أسود مظلم ، لكننا نعاملهم من ذات المبدأ الذي نعامل به أنفسنا ، الرحمة ، أما سكان هذه الأقفاص ( العرب ) فإننا حاولنا بشتى الطرق أن نجمعهم في قفص واحد ، كحال بقية الإنسان ، لكنهم دائماً يفتعلون المشاكل والخلافات ، حتى وجدنا أننا نفصلهم كل يوم في قفص ، بإمكانك أن تعد أكثر من عشرين قفص ! ومع ذلك لم تنته مشاكلهم .. ثم أشار بيده إلى ذكر ضخم من بني العرب ، وقال : أنظر ما الذي سوف يفعله هذا الذكر الجشع ، بالرغم من أنني أضع له طعامه بانتظام .. إلا أنه يأكله بجشع ، ثم يتعدى على حصة غيره ـ دون حاجته إليها ـ ويجمعها ويكتنزها حتى تتعفن يضع قليلاً من الطعام لعائلة ، لديها ذكر هزيل ضعيف ، ويغلق القفص ، ليهجم الذكر الضخم ، ويبرحه ضرباً ، ثم يسرق طعامه .. في نفس الوقت الذي كان هذا الذكر يسرق الطعام ، هجم ذكر آخر نحيل خبيث المنظر والرائحة والنظرات ، على أنثى الذكر الضخم ليغازلها ، علماً بأنه لديه أنثاه الخاصة ..! هل رأيت .؟؟!! أفرغت البقرة الجميلة ما في بطنها باشمئزاز وهي تقول : يعععععع ما هذا ، ( أما صحيح عرب ) وقامت بسحب ثورها ( المفهّي ) من أذنه ، بعد أن لاحظت نظراته القميئة لذلك المشهد المقزز .. وأغمضت عيني العجول الصغار ، ثم أخرجتهم جميعاً من الحديقة وهي تقول : هل رأيتم يا أعجالي ( على وزن أولادي ) ماذا حل بالبشر ؟ عليكم بالعلم ، والفهم ، والحكمة ، والإدراك ، وسماع كلمة ماما .. وإلا فإني سوف أرسلكم لترعوا هذه المخلوقات في الحديقة .! صرخ الأولاد في فزع : كلا كلا يا ماما أرجوك ، معلنين عدم رغبتهم بالعودة إلى حديقة الإنسان مرة أخرى بقلم ابن أبي فداغة المصدر: نفساني
|
|||
|
09-06-2017, 04:44 AM | #3 |
( عضو دائم ولديه حصانه )
[ نفس منفوسه ]
|
الكاتب حكيم و قلمه عجيب استغرب كيف نطت الافكار هادي في راسه و كيف صقلها بطابع كوميدي ساخر
فعلا القصه مليانه عبر منور |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|