|
|
||||||||||
ملتقى الأدب للقصة القصيرة والقصيدة باللغتين الفصحى والنبطي . |
|
أدوات الموضوع |
14-09-2009, 09:37 AM | #1 | |||
المركز الاول (أميرة الأبجديّــات)
|
قـصـة (( بـانـــــورامــــا الـــيُـــتـــم ..! ))/ لكاتبها:بـــكـل هــــدوء
_" خواف" !!
..وأفكرٌ في كلماتٍ موجعة ؛ أرد بها على اتّهامات "لؤي" ؛وتهكماته المستمرة حينما ينتهي الدوام ونخرج من صفنا الرابع إلى خارج المدرسة ؛ لنلعب في الطريق ... متى يفهم لؤي أنني أقدر والدي , ولا يرضيني أن أغضبه ؟ كيف أفسّرُ له أنّ الخوف خالةٌ طبيعية كثيراً ما تعكسُ الحبّ !؟ : وخرجت معهم كما في كل مرة.. دون أن أبرّرَ أو أفسّرَ موقفي ؛ لأثبت لهم عملياً أنّني "رجل" ! وبينما نحن منهمكين في اللعب حيثُ تأخر والدي , وليس ذلك من عادته حانت منّي ألتفاتةٌ لأرى عمي فاً ينتظر .. "مفاجأة" مفرحة وغريبة في آن ! جريتُ نحوه : عمي سعيد ونظر إليّ بملامحَ أدهشتني ظلال الحزن والوجع فيها .. _ هيّا يا محمّد ؛ السيارة ع اليمين _طيّب ....ولم أكمل رافقتهُ بصمتٍ يبعثرُ فضوله .. قلبي الغضّ لا يتوقُ إلى التفاصيل .. وعمّي يتوجّعُ بتمزقٍ مكتوم أفزعني , وأخرس صمتي فنطق.. _عمّي..ليش !؟ ( هذا ما استطعتُه ) ! فركن سيارته..ما عاد يقوى الحركة ؟ وأنّى له !!؟ _محمد إنتَ صرت رجّال ! وحبستُ أنفاسي..كموجوعٍ سُلطّت على جراحه كلَ أضواءِ الأرض _أبوك يا محمّد راح عند ربّ العالمين.. وما نطقتُ, ولا بكيت , ودمعاتي ما ضنّت عليّ بنزفها .. فراحت للداخل تنهمر ! : دقائقُ صامتة..أليمة؛أجهدها المرار وعمي يلملمُ شتاته كـــ ثكلى أرهقها الفراق.. وعينايّ لا تتحولانِ عن وجهه..وصوتٌ يتمرد على الحقائق: _كيف يعني !؟ _يتمتمُ : ( لا إله إلا الله العظيم الحليم ... ) وعينايّ لا تفترانِ تحدّقانِ فيه دونَ أن ترُفّا.. وبقسوةٍ علمتنيها الحياةُ آنذاك: أقول لك:إيش يعني !؟ _أبوك مات في حادث وهو رايح العمل.. ويتبعُها : وإنتَ رِجّال يا محمّد وأبكي .. وأبكي أشعرُ بهِ بجواري يهذي .. وأنا أفكّرُ في أبي ماتَ الحبيب ! مات!؟ وصلتُ إلى بيتنا الوديع..الذي كانَ وديعاً , وقلبي يتحسّسُ الوجوه ونظراتي المبعثرة تتحاشى عمي.. أحاولُ أن أهربَ من صلابة الحقيقةِ وقسوتها..حتى وإن كانَ إلى ليونةِ الوهم ! جميعهم يرمقونني بقلق ,ينادونني.. لا يدركون أنّ صوتَ أبي يعلوهم ,حين همس لي هذا الصباح: ( محمّد حبيبي..أبغاك تشدّ حيلك , وما تنسى الصّلاة ) وحرّكتُ رأسي بانقياد يلونه نزق الشّقاوة :أكيد , أكيد وابتسمَ ؛ وعيناهُ تعانقُ وجهي..واللهِ ابتسم !! وصلتُ إلى حيثُ أمّي فهالني النحيب.. وددتُ أن أضم وجعها لى وجعي ؛ فجلستُ حيثُ أنا أخفي بيديّ وجهي..وأنا أحترِق ! تربّتُ جدتي عليّ ببكاءٍ ينفثُ النشيج: "يا حبيبي يا محمّد " هيَ فقط ..جدتي من يبعث الدفء في زوايا هذا القلب ! وآن وقتُ صلاة العصر.. فتناديني أمي بنبرةٍ تتكئُ على الحزم .. "الصلاة يا محمّد" خلتُها تزم البكاء وهي تقولها..فبكيتُ أنا ! لم أنم تلك الليلة.. أنكرتني الدنيا,وأنكرتها ! أن يكون لك "أب" , فأنت تمتلكُ الكثير على سطح هذا الكوكب.. أن يكون لكَ "أب" , فهذا يعني أن تضحك..تضحك منَ القلبِ ؛ دون أن تكترثَ لعقباتِ الطريق.. أن يكون لكَ "أب" , فأنت تُسنِد "قلبكَ" إلى زاويةٍ دافئةٍ..مفعمةٍ بالأماااان ! يا لمرار فقدكَ يا أبي.. وتأخذني الفكَر إلى "هيثم" زميلي في الصف.. "هيثم" يتيمُ الأب مثلي.. صحيح أنّه لا يُخالطنا كثيراً؛لكنّه دوماً يبتسمُ لنا : كيف لليتامى أن يستَلهموا البسمةَ في وجوه الآخرين/المترفينَ حناناً !؟ كيف !؟ عُدتُ إلى المدرسة,ةأثقالُ اليُتمِ قد غرستْ ملامحها في وجهي.. صافحني أصدقائي,حتّى لؤي المشاكس ابتسمَ لي وقال معزّياً: "معليش يا محمّد ,إنتّ رِجّال" : كدتُ أبكي على كتِفه ؛ وأردّد : "أنا خوّاف يا لؤي" خائفٌ من الحياة والبشر,من العيون الشرسة واللامبالية من النّوايا..وقواميس القهر والفقد ومن قلبي ! لمحتُ "هيثم"..فرأيتُني فيه وكأنّ "البؤسَ" يمنحُ ضحاياهُ ملامح واحدة ! : تركتُ أصدقائي وذهبتُ إليه.. "هيثم" فقط من يُشبهني..وأنا أحبّه لا أحقدُ على أصدقائي..لكنّ فقدَ أبي باتَ ضعفاً/عيباً يفضّلُ التواري ! فعقدتُ معهُ لليُتمِ حكاية.. أذكرُ أننّي سألتهُ بتردّد: كيف مات أبوك يا هيثم ؟ فابتسم بلامبالاةٍ تجهلُ حقيقةَ أن يكونَ لكَ "أب" وقالَ: "أصلاً ما أعرفه , مات وأنا في بطن ماما" : فاختنقتُ بغصّة ,وطفقتُ أسائلُ نفسي: تُرى , من منّا نكستهُ مع الحياةِ أكبر !؟ ما عاد للحياةِ روح , ومن حولي يحاولونَ تزييفَ حقيقةَ كوني "طفل" ؛ بابتساماتٍ باهتة تخفي شجنها وهيَ تكرّر أنغاماً مللتٌها..تذكّرني بالرجولة ! أن ألتزمَ بما يحبّ أبي ,فهذا يُشعرني أن روحَه حولي ترفرف.. لذا حتى صلاةُ الفجر..ما فاتتني يوماً في المسجد ! تملؤني الصلاةُ بالقوّة, واليُتمُ يشدّني إلى أسفل حيث الخوفُ, والشعورُ بضياعِ "السند" !! : الموتُ يرهبُ النّاس.. يصقلُ قلوبهم من القسوة فـــ "تخبِت" ..تبكي ثمّ تنسى ! كلّهم ينسونَ..لكن اليتيمَ لا ينسى ! هناك في الأعماق زاويَةٌ تستجدي الحنان.. حنان الرّجال خاصّة.. وأن تكونَ رجلاً هنا.. فلا تطلبِ الحنانَ, ولا تكُ حانياً.. ...هكذا يبدو ! صرتُ "عصبيّاً" بعضَ الشيء.. فحتّى تخفي ضعف أعماقك..وشغفها بيدٍ حنون لا بدّ وأن تزيّفها.. ...هكذا هيَ الحياة !! جاء رمضان..وتجدّدَ حزنُ الدّار يومُه الأوّل..كان لأحزاننا عمرا : لا أنظرُ إلى وجهِ أمّي , وهي تتدثّرُ بالأذكار وجهها يتلوّن حتّى الدّمع..ووجهي يبحثُ عن قناعٍ بأيّ لون حتى لو كانَ الفرَح ! : تعلو نبرتُها بالذكر؛كمن يُقاطعُه صوتٌ ما.. فيبادرهُ ليهزِمه ! علا صوتُ المؤذّنِ,فتسمّرنا نرقبُ نبرةً حانيةً.. تتلمسُ "التمر" وتهمسُ في استسلامٍ مَهيب: "بسم الله , للهم لكَ صمتُ..." : وبكت أمي وهي تقولها,وتسللتُ أنا إلى المسجد وقد تبعثرت كلماتي,وما أجيدُ سوى "ياااارب" : رمقني الإمامُ بلطفٍ وهو يسألُ حائراً_كمن بيّتَ السؤالَ منذ أمد_ "ولد مين إنتَ" ؟ فقلتُ وأنا أبتلعُ الفقدَ: "ولد ماجد ..." فربّت عليّ: "رحمة الله عليه ؛ اللي خلّف ما مات " : تُراك أبي راضٍ عنّي الآن.. إن لم يكن بكَ عتبٌ عليّ فلا أبالي ! وبقدرِ ما انتشت ساعاتُ رمضانَ بالسكينةِ والقرآن بقدرِ ما فقدتُ أبي ! وحانَ العيد.. وأستقبلهُ كبريءٍ ينتظرُ إعدامه؛ بوجلٍ واستسلامٍ للقدر.. أخرجُ مع عمّي وأبناءه.. نصلي,وعينايَ لا تلبثانِ ترقبانِ كلَ عابرٍ بصحبةِ أبيه أهتم بتفاصيلَ قد تبدو ساذجَة..لكنها تعني لي حياة ! يُقبّلُ عمّي أبناءه ؛ يهنئُهم بالعيد..وينساني كنتُ متكوّماً على وجعي.. فغمزهُ وائل: "بابا محمّد .. نسيتُه ؟" : واحمرّ وجهُ عمّي , وعلمَ أنّه آلمني كأوّل سوادٍ في صفحةِ العيد ! استقبلنا رجالاً كثيرين , وربّتَ عليّ أيدٍ كثيرة فأرفعُ عينينِ عطشّى .. علّني أعانقُ لطفَ ابتسامة يكفكف يُتمي لكن الوجوه تنصرف عنّي إلى غاياتٍ أخرى.. تتوقُ إلى الأجرِ في مسحةٍ على رأسي , وتسلبُني حقّ الرّحمة ! : يا لهذا اليومِ الباهتِ / البارد وكأن الكون تماهى ووجعي فارتدَى الشّحوب ما أقسا الحياةَ بلا ألوان !! "لا يجبُ على اليتيم أن يثقلَ على الآخرين ؛ بحاجاتهِ العاطفية" هذا ما قالهُ لي "هيثم".. كأولِ درسٍ في التعاملِ مع حياةِ اليُتم ! لا يعترفُ أعمامُ هيثمَ به.. ولديه خالٌ قاسٍ لا يعبأ بالبراءة والحرمان.. ولا تملكُ أمّه إلا أن تبكي وتفيقَ على : "خليك رِجّال" !! : ياااه يا هيثم .. أوجعتَ أسايَ,وأوجعني أساك ! فطنتُ مؤخراً إلى "لمى" شقيقتي الصغيرة.. لم تتعدّ العامينِ حين وفاةِ والدي.. لكنّ حيّزَ الأب في القلب يبقى فارغاً.. يُناشد القلوبَ ألا تنساه.. ولو من وقتٍ لآخرَ بقُبلةٍ حانية , ضمّةٍ دافئة , أو حتىّ كلمَة .. لا روحَ فيها تخبرهُ أنّه من عِدادِ الأحياء ! ومنذ ذلكَ اليوم .. وقلبي لا يفتُر يصافحُ قلبَ لمى.. يقبّل مكانَ الوجعِ منه.. وكلما آلمَني الفقدُ..منحتُها إشراقةَ أعماقي ! بتّ أسعدُ بالعطاء , وبالرّجولة التي تفوقُ تصوراتِ من حولي السّاذجة لتحلقَ في عالمٍ أرحبّ.. أرحب لا يتقنهُ سوى البؤساء ! : كمْ أنتَ قاسٍ .. أيّها العالم !! : كتبتهُ : بكلّ هدوء. ______________ أعجبتني هذه القصة فنقلتها, قرأتها منذ سنين,صورت شعور اليتيم بأصدق شعور.. بكل هدوء فليرعاك الله أينما كنت.. المصدر: نفساني
|
|||
|
15-09-2009, 11:13 PM | #2 |
عضومجلس إدارة في نفساني
|
حياك الله ؛ وشكرا جزيلاً لهذه القصه الجميله ...
وعفوا لهذا الرد المقتضب .. فجو القصه هو السبب .... لكنها جميله ؛ وبها معانى نبيله راقيه ؛ ومشاعر دافئه حانيه ..... حياك الله .... |
|
16-09-2009, 07:32 AM | #3 |
المركز الاول (أميرة الأبجديّــات)
|
أهلابك أخي الكريم أسامة,
جزاك الله خيرا لمرورك الكريم ولا ألومك فالغصة تجعلنا نبتلع كلماتنا أمام هذا الوجع..! بارك الله فيك. |
|
17-09-2009, 12:19 AM | #4 |
مراقبه إداريه سابقة
|
كــل الـــشـكــر لـك آه يـا ســنـيـنـي،،،،،
عــلى هـــذا الـمـوضــــوع الـمليء بـالـمــشـــاعـر الـدافـئـــة،،،،، |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|