|
|
||||||||||
الملتقى العام لكل القضايا المتفرقة وسائر الموضوعات التي لا تندرج تحت أي من التصنيفات الموجودة |
|
أدوات الموضوع |
02-01-2003, 04:17 PM | #1 | |||
عضـو مُـبـدع
|
الحلال بين والحرام بين
شرح الحديث
صحيح مسلم بشرح النووي قوله صلى الله عليه وسلم :( الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس .... إلى آخره ) أجمع العلماء على عظم وقع هذا الحديث , وكثرة فوائده , وأنه أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام . قال جماعة : هو ثلث الإسلام , وأن الإسلام يدور عليه , وعلى حديث : " الأعمال بالنية " , وحديث : " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " . وقال أبو داود السختياني : يدور على أربعة أحاديث : هذه الثلاثة , وحديث : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " وقيل : حديث " ازهد في الدنيا يحبك الله , وازهد ما في أيدي الناس يحبك الناس " قال العلاء : وسبب عظم موقعه أنه صلى الله عليه وسلم نبه فيه على إصلاح المطعم والمشرب والملبس وغيرها , وأنه ينبغي ترك المشتبهات , فإنه سبب لحماية دينه وعرضه , وحذرا من مواقعة الشبهات , وأوضح ذلك بضرب المثل بالحمى , ثم بين أهم الأمور , وهو مراعاة القلب فقال صلى الله عليه وسلم : ( ألا وإن في الجسد مضغة ... إلى آخره ) فبين صلى الله عليه وسلم أن بصلاح القلب يصلح باقي الجسد , وبفساده يفسد باقيه , وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( الحلال بين والحرام بين ) فمعناه : أن الأشياء ثلاثة أقسام : حلال بين واضح لا يخفى حله , كالخبز والفواكه والزيت والعسل والسمن ولبن مأكول اللحم وبيضه وغير ذلك من المطعومات , وكذلك الكلام والنظر والمشي وغير ذلك من التصرفات , فيها حلال بين واضح لا شك في حله . وأما الحرام البين فكالخمر والخنزير والميتة والبول والدم المسفوح , وكذلك الزنا والكذب والغيبة والنميمة والنظر إلى الأجنبية وأشباه ذلك . وأما المشتبهات فمعناه أنها ليست بواضحة الحل ولا الحرمة , فلهذا لا يعرفها كثير من الناس , ولا يعلمون حكمها , وأما العلماء فيعرفون حكمها بنص أو قياس أو استصحاب أو غير ذلك , فإذا تردد الشيء بين الحل والحرمة , ولم يكن فيه نص ولا إجماع , اجتهد فيه المجتهد , فألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي فإذا ألحقه به صار حلالا , وقد يكون غير خال عن الاحتمال البين , فيكون الورع تركه , ويكون داخلا في قوله صلى الله عليه وسلم : ( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ) وما لم يظهر للمجتهد فيه شيء وهو مشتبه فهل يؤخذ بحله أم بحرمته أم يتوقف , فيه ثلاثة مذاهب , حكاها القاضي عياض وغيره , والظاهر أنها مخرجة على الخلاف المذكور في الأشياء قبل ورود الشرع , وفيه أربعة مذاهب : الأصح : أنه لا يحكم بحل ولا حرمة ولا إباحة ولا غيرها , لأن التكليف عند أهل الحق لا يثبت إلا بالشرع . والثاني : أن حكمها التحريم . والثالث : الإباحة . والرابع : التوقف . والله أعلم . قوله صلى الله عليه وسلم : ( فقد استبرأ لدينه وعرضه ) أي : حصل له البراءة لدينه من الذم الشرعي , وصان عرضه عن كلام الناس فيه . قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن لكل ملك حمى وإن حمى الله محارمه ) معناه : أن الملوك من العرب وغيرهم يكون لكل ملك منهم حمى يحميه عن الناس , ويمنعهم دخوله , فمن دخله أوقع به العقوبة , ومن احتاط لنفسه لا يقارب ذلك الحمى خوفا من الوقوع فيه , ولله تعالى أيضا حمى وهي محارمه , أي : المعاصي التي حرمها الله , كالقتل والزنا والسرقة والقذف والخمر والكذب والغيبة والنميمة , وأكل المال بالباطل , وأشباه ذلك , فكل هذا حمى الله تعالى من دخله بارتكابه شيئا من المعاصي استحق العقوبة , ومن قاربه يوشك أن يقع فيه , فمن احتاط لنفسه لم يقاربه , ولا يتعلق بشيء يقربه من المعصية , فلا يدخل في شيء من الشبهات . قوله صلى الله عليه وسلم : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله , وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) قال أهل اللغة : يقال : أصلح الشيء وفسد بفتح اللام والسين , وضمهما , والفتح أفصح وأشهر , والمضغة : القطعة من اللحم , سميت بذلك لأنها تمضغ في الفم لصغرها , قالوا : المراد تصغير القلب بالنسبة إلى باقي الجسد , مع أن صلاح الجسد وفساده تابعان للقلب . وفي هذا الحديث : تأكيد على السعي في صلاح القلب وحمايته من الفساد . واحتج بهذا الحديث على أن العقل في القلب لا في الرأس وفيه خلاف مشهور . ومذهب أصحابنا وجماهير المتكلمين أنه في القلب , وقال أبو حنيفة : هو في الدماغ , وقد يقال في الرأس , وحكوا الأول أيضا عن الفلاسفة , والثاني عن الأطباء : قال المازري : واحتج القائلون ; بأنه في القلب بقوله تعالى : { أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها } وقوله تعالى : { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب } وبهذا الحديث , فإنه صلى الله عليه وسلم جعل صلاح الجسد وفساده تابعا للقلب , مع أن الدماغ من جملة الجسد , فيكون صلاحه وفساده تابعا للقلب , فعلم أنه ليس محلا للعقل . واحتج القائلون بأنه في الدماغ بأنه إذا فسد الدماغ فسد العقل , ويكون من فساد الدماغ الصرع في زعمهم , ولا حجة لهم في ذلك ; لأن الله سبحانه وتعالى أجرى العادة بفساد العقل عند فساد الدماغ مع أن العقل ليس فيه , ولا امتناع من ذلك . قال المازري : لا سيما على أصولهم في الاشتراك الذي يذكرونه بين الدماغ والقلب , وهم يجعلون بين الرأس والمعدة والدماغ اشتراكا . والله أعلم . المصدر: نفساني
|
|||
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|