|
|
||||||||||
ملتقى الفتاوى والأحكام الشرعية يهتم بالفتاوى الشرعية واحكام الدين الإسلامي المستمدة من القرآن الكريم ومن السنة النبوية والمنقولة عن علماء أهل السنة والجماعة السائرين على منهج السلف |
|
أدوات الموضوع |
22-10-2016, 09:46 AM | #1 | |||
عضو نشط
|
برامج الوصـــــــــــــــــــــــــــــــــــول إلى استخراج الأحكام من القرآن ومن صح
برامج الوصـــــــــــــــــــــــــــــــــــول إلى استخراج الأحكام من القرآن ومن صحيح سنة الرسول وصايا فى برامج الوصول تأليف دكتور كامل محمد محمد محمد عامر الحمد لله وكفى؛ وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ أرسله الله بالهدى ليبين لنا ما أنزله الله إلينا.
وبعد فلقد وجدتك يابنى شارد الذهن،غارقاً فى التفكير، تسأل عن كيفية استخراج الأحكام من آيات الكتاب وصحيح سنة الرسول عليه السلام ولسان حالك يقول: لقد تعقد علم الأصول وجاء بالفاظ لا تتناسب وعرفنا اللغوى ؛فكيف نعرف الحكم الراجح من الحكم المرجوح. لقد قرأت هذا فى عينيك منذ سنوات طوال فاستخرت الله جلَّ وعلا وذهبت أتنقل بين كتب السلف والخلف وبين قواميس اللغة ومناهج أهل الحديث باحثاً عن الطريق القويم والمنهاج الأقرب لمعرفة السبيل لاستخراج الأحكام من القرآن وصحيح سنة الرسول. وها أنا ذا ـــــ يا بنى ـــــ وقد تجاوزت الستين من العمر،وبعد تلك السياحة فى أعماق كتب الأصول،أنقل أليك خبرتى ووصيتى حتى تقف على مقاييس صادقة، وبرامج هادفة، تعرف بها أحكام ربنا سبحانه وتعالى. وأُعاهدك يا بنى أن لا أنقل إليك رأياً لعالم بغير دليل .... ولكن أنقل إليك آيات محكمات غير متشابهات وأحاديث صحيحة بلَّغها إلينا من كان شاهداً يوم قال رسولنا عليه السلام لأصحابه ".... فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ ...." [البخاري: كِتَاب الْحَجِّ؛بَاب الْخُطْبَةِ أَيَّامَ مِنًى] لقد كنا غائبين عن ذلك الموقف؛ فبلَّغنا الصحابة رضوان الله عليهم ما قاله الرسول عليه السلام. وأكرر قولى لك يا بنى إن العهدَ بينى وبينك آياتٌ محكماتٌ وأحاديثٌ صحيحاتٌ أو أوائلُ حسٍ ومبادئُ عقل لا يختلف عليها من بنى الإنسان اثنان، والله من وراء القصد وهو الهادى إلى سواء السبيل. مقدمات قبل قراءة تلك الوصايا الرسول عليه السلام فى حجة الوداع أمر عموم المسلمين ...... الجاهل والعالم.....الصغير والكبير..... الرجل والمرأة..... ".... فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ ...." [البخاري: كِتَاب الْحَجِّ؛ بَاب الْخُطْبَةِ أَيَّامَ مِنًى] فالشريعة يابنى عامة جاءت لعموم المسلمين, جاءت لأمة أُمّيّة يقول تعالى: { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ }[الجمعة:2] ويقول تعالى: { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ }[الاعراف:157] وفى الحديث "إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَعَقَدَ الْإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي تَمَامَ ثَلَاثِينَ" [ مسلم: كِتَاب الصِّيَامِ؛ بَاب وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ لِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ]. فلابد ــــ يا بنى ــــــ فى فهم الشريعة من اتباع معهود الأميين الذين نزل القرآن بلسانهم؛ فلا يستقيم للمتكلم فى كتاب الله أو سنة رسول الله أن يتكلف فيهما فوق ما يسعه عقل عامة الناس فالناس فى الفهم ليسوا سواء ولذلك يجب أن يكون تفسير الكتاب والسنة بطريقة سهلة على العقل بحيث يشترك فيها عامة الناس فإنها لو كانت مما لا يدركه إلا الخواص لم تكن الشريعة عامة ولزم بالنسبة إلى العامة تكليف ما لا يطاق. ففى حديث طويل عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ "...... وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي ....... قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا قَالَ ائْتِنِي بِهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ لَهَا أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ مَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ" قال النووي: ".....وَفِيهِ : دَلِيل عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالشَّهَادَتَيْنِ ، وَاعْتَقَدَ ذَلِكَ جَزْمًا كَفَاهُ ذَلِكَ فِي صِحَّة إِيمَانه وَكَوْنه ، مِنْ أَهْل الْقِبْلَة وَالْجَنَّة ، وَلَا يُكَلَّف مَعَ هَذَا إِقَامَة الدَّلِيل وَالْبُرْهَان عَلَى ذَلِكَ؛ وَلَا يَلْزَمهُ مَعْرِفَة الدَّلِيل ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور" [ مسلم: كِتَاب الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ؛ بَاب تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَنَسْخِ مَا كَانَ مِنْ إِبَاحَتِهِ] فصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــل يقول تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [النحل: 44] و يقول تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ} [النحل: 64] فالرسول عليه السلام جاء بالبيان الواضح ففى الحديث "قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ " [سنن ابن ماجه : كِتَاب الْمُقَدِّمَةِ ؛ بَاب اتِّبَاعِ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ][صحيح وضعيف سنن ابن ماجة ؛تحقيق الألباني :صحيح ، الصحيحة ( 937 )][حاشية السندي على ابن ماجه (1/ 36). قَوْله ( عَلَى الْبَيْضَاء ) أَيْ الْمِلَّة وَالْحُجَّة الْوَاضِحَة الَّتِي لَا تَقْبَل الشَّبَه أَصْلًا ....... وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بِقَوْلِهِ لَيْلهَا كَنَهَارِهَا] ".... فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ ...." وكان يا بنى......والتزم الصحابة رضى الله عنهم بهذا الأمر وبلَّغوا الغائب ؛ بلَّغوا الغائب عن المكان, وبلَّغوا الغائب فى الزمان ...بلَّغوا الغائب عن الموقف فى كافّة بقاع الأرض, وبلَّغوا من بعدهم من الأجيال. لقد كنا غائبين عن الموقف وجائنا البلاغ ووصلت إلينا جميع أقوال الرسول عليه السلام, فهل من مدعٍ بأن هناك مسائل ليست لها أحكام؟ إن هذه الشريعة المباركة معصومة ـــ يا بنى ـــ كما أن صاحبها صلى الله عليه وسلم معصوم وكما كانت أمته فيما اجتمعت عليه معصومة وكما كان نقلة الأخبار فى نقلهم لصحيح السنة معصومين لقوله تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }[سورة الحجر:9] والسنة مبينة للكتاب ودائرة حوله. لقد وكَّلَ اللهُ سبحانه الحفظ إلي اليهود فجاز التبديل عليهم فبدلوا, يقول تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء }[سورة المائدة:44 ] وقال سبحانه وتعالى في القرآن: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [سورة الحجر:9 ] فلم يَجُز التبديل؛ فهذه الجملة تدلك على حفظ الشريعة وعصمتها عن التغيير والتبديل. إن الله عز وجل وَفَّرَ دواعي الأمة للذَّبِ عن الشريعة والمناضلة عنها؛ لقد قيض الله سبحانه للقرآن حفظة بحيث لو زيد فيه حرف واحد لأخرجه آلاف من الأطفال الأصاغر فضلاً عن القُرَّاء الأكابر؛وهكذا جرى الأمر في أحكام الشريعة فقيض الله لكل علم رجالاً حَفَظَهُ على أيديهم. مصادر الأحكام آيات محكمات ....هنَّ أم الكتاب وليست بالمتشابهات التى حذرنا الله منها فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ } [آل عمران: 7] قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ" [البخاري: كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ؛ بَاب { مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ }] أقول: • إما آية محكمة • وإما حديث صحيح بأقسامه الثلاث: آحاد أو متواتر أو إجماع. فأنت ــــ يا بنى ــــ تدور فى فلك تلك الآيات وهذه الأحاديث لتستقى منها أحكام شريعتك المباركة. فصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــل قال تعالى: { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً } [البقرة:29] وقال تعالى:{ وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [سورة الجاثية:13] وقال تعالى: { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ } [سورة الأعراف:32]. فكل شئى مباح وحلال إلا ما استثناه ربى جلَّ وعلا من هذه الإباحة العامة بنصوص القرآن وصحيح السنة. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" [البخاري:كِتَاب الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ بَاب الِاقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فإما أوامر واضحة بيِّنة بآية محكمة أو حديث صحيح؛ فنأتى منها ما نستطيع. وإما نواهى مفصلة واضحة فنجتنبها يقول تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ } [الأنعام: 119] وباقى ما فى الكون من أفعال وأحداث وأشياء مباح لنا بتلك الآية العامة { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً } عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ "كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَأْكُلُونَ أَشْيَاءَ وَيَتْرُكُونَ أَشْيَاءَ تَقَذُّرًا فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ كِتَابَهُ وَأَحَلَّ حَلَالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ فَمَا أَحَلَّ فَهُوَ حَلَالٌ وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ وَتَلَا: { قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا .....} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ" [سنن أبي داود:كِتَاب الْأَطْعِمَةِ ؛ بَاب مَا لَمْ يُذْكَرْ تَحْرِيمُهُ] [ صحيح وضعيف سنن أبي داود: تحقيق الألباني:صحيح الإسناد] فصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــل اللفظ فى اللغة قد يَحْتَمل معنى وَاحِدًا فَقَط كالثُّلُثُ فى قوله تعالى: { فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ } [النساء: 11] وهذا يطلق عليه "النص" وقد يحْتَمل اللفظ أَكثر من معنى ولكنه أظهر فِي أحد مَعَانِيه كقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}[المدثر: 4] فلفظ الثياب يطلق على ما يلبس وقد يطلق على القلب ولكنه أظهر وأوضح فى الملبوس وهذا يطلق عليه "الظاهر" وقد يحْتَمل اللفظ أَكثر من معنى ولم يترجح له معنى معين فيطلقون عليه "المجمل". إن الأصل في النصّ أن يحمل على ظاهر لفظه فلا تترك يابنى العمل بظاهر الآيات والأحاديث إلا: • بضرورة حسّ أو عقل. • أو بنصِّ آية أو حديث صحيح. • أو بإجماع جميع الصحابة. إن معظم ألفاظ القرآن والسنة تحتمل أكثر من معنى فلو لم نأخذ بالظاهر واعتمدنا التأويلات فلن تقوم الحجة على الخلق بالأوامر والنواهي إذ ليست في الأكثر نصوصاً لا تحتمل إلا معنى واحد. إننا إن أخذنا بظاهر النص فلن يقع في تفسيره خلاف, وإذا أخذنا بالتأويل اختلفنا وتنازعنا إذ باب التأويل غير محصور. فصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــل الرسول عليه السلام يأخذ بظاهر الآيات وكذلك الصحابة رضوان الله عليهم فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ فَأَعْطَاهُ ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ. فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تصَلِّي عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ رَبُّكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ فَقَالَ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } وَسَأَزِيدُهُ عَلَى السَّبْعِينَ» قَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } [البخاري: كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ؛ بَاب قَوْلِهِ تعالى:{ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } ففي هذا الحديث بيان كاف في حمل كل شيء على ظاهره ، فحمل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللفظ الوارد «أو» على التخيير ، فلما جاء النهي المجرد حمله على الوجوب. نعم ـــ يا بنى ــــ رسولنا عليه السلام يبين لنا كيفية العمل بالقرآن, بدون تأويل أو تحميل للنص أكثر مما تحمله ألفاظه؛ (أو) للتخيير والعدد (سبعون) على ظاهره وليس للتكثير, نعم بهذه البساطة التى يفهمها ويعقلها عموم المسلمين «إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ فَقَالَ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } وَسَأَزِيدُهُ عَلَى السَّبْعِينَ» وانظر إلى الصحابة عليهم رضوان الله يلتزمون بالأمر على ظاهره بدون تفكير فعن جابر قال:لَما استوى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الجمعة قال: "اجلسوا" فسمع ذلك ابن مسعود؛ فجلس على باب المسجد، فرآه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:"تَعَالَ يا عبدَ الله بنَ مسعود". [صحيح أبي داود – الأم: أول كتاب الصلاة؛ باب الامام يكلّم الرجل في خطبته (قلت "الألبانى" : حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "ووافقه الذهبي)] فصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــل { لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } [الأنبياء: 23] {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] إياك ــــ يا بنى ـــ أن تسأل ربنا عزَّ وجلَّ لماذا حُرِّمَ هذا وأُبِيحَ ذاك؛ فهذا تطاول ـــ يا بنى ـــ لا يليق من البشر للبشر,فكيف نسأل رب البشر الذى نهانا عن هذا فقال تعالى: { لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } يا بنى إنك إن تتكهن بحكمة التحريم والتحليل تكون قد سلكت طريقاً وعرة ودخلت فى بحر لجَّىّ ليس له نهاية نعم ما سمعنا بهذه الحكم وتلك العلل فى عصر الصحابة رضوان الله عليهم ولا فى عصر التابعين .... لماذا حَرَّم ربى الزنا ..... لا ندرى.... يفعل ربى ما يشاء لا معقب لحكمه...فهل تعلم يا بنى أن نكاح المتعة كان مباحاً لفترات طويلة فى أول الإسلام, وكذلك الربا والخمر....وانظر إلى قوله تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ}[البقرة:249]. إنها ابتلاءات واختبارات؛ أمرنا تعالى أن لا نسأل عما يفعل, فكيف نتكهن بحكمةِ أوامره. إنك أن تتكهن بحكمة الأمر فلن تُعدم آخر يرد عليك تكهنك ويأتى بحكمة ثانية وثالثة. فكن عبداً لله تعالى؛ تفعل ما يأمرك به وتنتهى عما نهاك عنه. أسأل ـــ يابنى ـــ كل قائل مهما كان: من أين قلت هذا؟ { لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } لا تقبل قول عالم أو فقيه بدون دليل ..... آية محكمة أو حديث صحيح. لقد ضمن ربنا سبحانه وتعالى لنا الفهم لكتابه ولم يضمن لنا الفهم لقول البشر يقول تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] ويقول عَزَّ وجَلَّ: { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82] فهل يأمرنا ربنا سبحانه بتدبر القرآن ولم يعطنا الآلات التى تساعدنا على ذلك! يقول عليه السلام: " قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ" [تحقيق الألبانى:صحيح السلسلة الصحيحة - مختصرة (2/ 610)] فهل ترك لنا البشر أقوالاً سهلة ميسرة للفهم؛ فلا والله وانظر ـــ يابنى ـــ إلى بعض المختصرات لتجد ألغازاً صعبة المأخذ بعيدة المغزى...... فإياك ـــ يا بنى ـــ أن تقبل حكماً بدون دليل من القرآن ومن صحيح السنة! سيقولون لك: كيف تفهم القرآن والأحاديث وأنت لست بعالم؟ فقل لهم:القرآن نزل لأُمَّة أُمِّيّة؛ ولقد يسَّر ربى القرآن للذِّكْرِ فإن لم يكن فى وسعى تفهم أحكامة ما كان هذا القرآن لعامة المسلمين ولكان هذا تكليف بما لا يطاق؛ ولقد قال ربى سبحانه: { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}......حتى قوله تعالى {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: 286] نعم, لقد اختلف العرف اللغوى؛ ووظيفة العلماء تبيين معانى القرآن والسنة لنا بلغة تناسب عرفنا الآن؛ فالرسول عليه السلام تحدث إلى العامَّة فى موسم الحج ولم يخص علماء الصحابة وأمر العامة بالتبليغ فقال عليه السلام: " فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلِّغٍ يُبَلِّغُهُ لِمَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ" [البخاري:كِتَاب الْفِتَنِ؛ بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ] فاسأل المفتى والعالم عن مصدر حكمه..... هل آية محكمة؟ أو حديث صحيح؟ أم هو رأى لعالم ما وصلة حديث فى المسألة , فنبحث عن عالم آخر قد بلغه الحديث. فوالله ـــ يا بنى ـــ لقد حفظ لنا ربنا الذكر وليس مطلوب من العلماء الأفاضل معرفة جميع الأحاديث؛ فإن لم يكن عند شيوخ بلدنا خبر فهو لا شك موجود عند عالم آخر فى بلد آخر. إياك ـــ يا بنى ـــ أن تقيس برأيك استناداً إلى شَبَهٍ بين شيئين أو علَّةٍ جامعة بينهما......ولكن أن كان قياس ...... فجميع ما يندرج تحت اسم الجنس؛ إن كان الحكم للجنس..... فإن قال الله سبحانه وتعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] فجميع أنواع الفقراء يندرجون تحت هذا الحكم؛ صغيراً أو كبيراً, أسود أو أبيض,عربى أو أعجمى ..... حكم التمر فى الربا يندرج تحته جميع أنواع التمر....ولكن لا تتعدى هذا ..... لقد أراد عمر بن الخطاب قياس بيع الحرير واستعماله على النهى عن لبس الحرير للرجال .....ويرفض رسولنا عليه السلام هذا فعنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَأَى حُلَّةَ سِيَرَاءَ عِنْدَ باب الْمَسْجِدِ: فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ ". ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا حُلَلٌ، فَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضى الله عنه مِنْهَا حُلَّةً فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا" فَكَسَاهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضى الله عنه أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا[البخارى: كتاب الجمعة؛ باب يَلْبَسُ أَحْسَنَ مَا يَجِدُ]. فالرسول عليه السلام: أباح ملك الحُلَّة من الحرير, وبيعها, وهبتها, وكسوتها للنساء؛ وحرَّمها فقط على الرجال. وأمر عمر ألا يتعدى ما أمر إلى غيره. وفي هذا الحديث إبطال القياس لأن عمر رضي الله عنه أراد أن يعتبر النهى الوارد عن اللباس أصل ويقيس عليه سائر وجوه الانتفاع ، فأخبره رسول الله أن ذلك باطل. بُنَىّ يقول عليه السلام:" لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرٍ وَلَا حَبٍّ صَدَقَةٌ" [مسلم: كِتَاب الزَّكَاةِ؛ بَاب] ويقول عليه السلام فى حديث طويل فى حجة الوداع:".... فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا....." [البخاري: كِتَاب الْعِلْمِ؛ بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ] فتُسألُ ــــ يا بنى ــــ يوم القيامة: لِمَا لا تُزَكِى الخضروات أو الفواكه يوم القيامة؟ فتقول: ربى....رسولنا عليه السلام قال لنا "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرٍ وَلَا حَبٍّ صَدَقَةٌ" وكلمة "دون" فى لغة القرآن تعنى "غير" وتعنى "أقل" فالتزمتُ يا ربى بنص حديث رسولنا كما علَّمنا عليه السلام! ويُسأل من أمر بإخراج الزكاة عن الخضروات أو الفواكه: لماذا فرضتَ زكاة على صاحب الخضروات أو الفواكه؟ ألم يخبركم الرسول عليه السلام فى حجة الوداع بأن "دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ" فَلْتَعُدّ ــــ يا بنى ـــ لهذا اليوم جواباً لكل سؤال! وانظر يا بنى إلى المناقشة الآتية واخترْ أى الطرق تسلك؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ".....وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ......" [البخاري: كِتَاب الزَّكَاةِ؛ بَاب زَكَاةِ الْغَنَمِ] قال البعض: نقيس غير السائمة على السائمة فنزكى الغنم المعلوفة. وقال البعض: لا بل نأخذ بالمفهوم وبدليل الخطاب فلا نزكى المعلوفة؛ قالوا" إن ذكره السائمة دليل على أن ما عدا السائمة بخلاف السائمة" وقال أصحاب الحديث: لا نأخذ إلا بمنطوق الحديث "فكل قضية لا تعطى أكثر مما فيها" وحكم المعلوفة لا دخل له بهذا الحديث؛ ثم وجدنا حديث عبد الله بن عمر فى سنن ابى داوود: كتاب الزكاة؛ باب في زكاه السائمة عن سالم عن أبيه قال:"....... وفي الغنم في كل أربعين شاة شاة......." [ قلتُ(الألبانى): إسناده صحيح، ورجاله ثقات رجال الشيخين...... صحيح أبي داود - الأم (5/ 278)] فالتزم ـــ يا بنى ـــ بالنص كما علمنا رسولنا عليه السلام تكن على الطريق المستقيم. إياك ـــ يا بنى ـــ أن تختار من أقوال الصحابة والتابعين ما تشاء....ولكن الله سبحانه وتعالى أمرنا كما أمر صحابة الرسول عليه السلام برد الإختلاف إلى الله والرسول فقال سبحانه: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] وقال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } [الشورى: 10] وهل يأمرنا ربنا بهذا إلا لينتهى الخلاف؟ فوالله يا بنى ما رَدَّنا اللهُ إلى القرآن والسنة إلا ليزول الإختلاف. بُنَىّ إن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا فى جهاد أو غزو أو سعى لمعاش وما كانوا يجتمعون فى صعيد واحد ليتلوا عليهم رسولنا عليه السلام ما يستجد من أحكام, ولكن كان يحضر عند رسول الله في كل وقت منهم الطائفة إذا وجدوا فراغ؛ هذا ما لا يستطيع أحد أن ينكره. وقد ذكر ذلك أبو هريرة رضى الله عنه فقال : إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَكَانَتْ الْأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمْ الْقِيَامُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ [البخارى كتاب الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ بَاب الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ أَحْكَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ ظَاهِرَةً وَمَا كَانَ يَغِيبُ بَعْضُهُمْ مِنْ مَشَاهِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمُورِ الْإِسْلَامِ] [فتح الباري لابن حجر (7/ 208) قَوْله : ( وَاللَّه الْمَوْعِد ) بِفَتْحِ الْمِيم وَفِيهِ حَذْف تَقْدِيره وَعِنْد اللَّه الْمَوْعِد] فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسْأَلُ عن المسألة، أويأمر بالشيء فيسمعه من حضر ولا يعرفه من غاب فكان عند كل صحابى من الأحاديث والعلم ما لا يوجد عند الآخر. فلما فتحت الأمصار، وتفرق الصحابة في البلاد، كانت القضية تنزل في بلد ما فإن كان عند الصحابة الحاضرين لها في ذلك عن النبي أثر، حكم به، وإلا اجتهد المفتى في ذلك، وقد يكون في تلك القضية حكم عن النبي عليه السلام موجود عند صاحب آخر، في بلد آخر. لقد قرأتُ سؤالك ـــ يا بنى ـــ فيما إذا روي الصاحبى حديثاً ، ثم أفتى بخلاف الحديث إنه مِمَّا لا شك فيه أنه إنما أفتى بخلاف الحديث قبل أن يبلغه، فلما بَلَغَهُ حَدَّثَ بما بلغه، لا يَحِلُ أن يُظَنُّ بالصحابة غير هذا. ومن قال غير ذلك فإنه يُوقِعُ الصحابةُ ولا محالة تحت أمرين، وقد أعاذهم الله تعالى منهما: إما المجاهرة بخلاف النبي وهذا لا يحل لأحد، ولا يحل أن يظن بهم هذا. وإما أن يكون عندهم علم أوجب عليهم مخالفة ما حدَّثوا به وما هم في حِلٍّ أن يكتموه عنا فيحدثوا بالمنسوخ، ويكتموا عنا الناسخ. وقد يبلغ الصحابى الحديث فيتأول فيه تأويلاً يخرجه به عن ظاهره؛ فإن كانوا تأولوا فالتأويل منهم رضي الله عنهم ظن، وروايتهم على النبي يقين، ولا يحل لمسلم أن يترك اليقين للظن. وهذه عائشة رضي الله عنها خفي عليها المسح على الخفين، وعلمه جرير ولم يسلم إلا قبل موت النبي عليه السلام بأشهر، وأقرت عائشة أنها لا علم لها به، وأمرت بسؤال من يرجى عنده علم ذلك وهو علي رضي الله عنه. فعن عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ "أَنَّ جَرِيرًا بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقَالَ مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَمْسَحَ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ قَالُوا إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ قَالَ مَا أَسْلَمْتُ إِلَّا بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ" [ سنن أبي داود: كِتَاب الطَّهَارَةِ؛ بَاب الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ][صحيح أبي داود - الأم (1/ 265) قلت(الألبانى): حديث حسن، وصححه ابن خزيمة والحاكم، ووافقه الذهبي] عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: "أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَتْ عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ فَسَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيم" [مسلم:كِتَاب الطَّهَارَةِ؛ بَاب التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ] وهذا ابن عمر توقع أن يكون حَدَثَ نَهْيٌ من النبي عن كراء الأرض بعد أزيد من أربعين سنة من موت النبي عليه السلام، فأمسك عنها وأقر أنهم كانوا يكرونها على عهد أبي بكر وعمر وعثمان، ولم يقل إنه لا يمكن أن يخفى على هؤلاء ما يعرف رافع؛ "فعَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَأْجُرُ الْأَرْضَ قَالَ فَنُبِّئَ حَدِيثًا عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ فَانْطَلَقَ بِي مَعَهُ إِلَيْهِ قَالَ فَذَكَرَ عَنْ بَعْضُ عُمُومَتِهِ ذَكَرَ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ قَالَ فَتَرَكَهُ ابْنُ عُمَرَ فَلَمْ يَأْجُرْهُ" [مسلم: كِتَاب الْبُيُوعِ؛ بَاب كِرَاءِ الْأَرْضِ] وخفي على ابن عمر الإقامة حتى يدفن الميت، حتى أخبره بذلك أبو هريرة وعائشة فقال: لقد فرطنا في قراريط كثيرة؛ "فعن جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا يَقُولُ حُدِّثَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَقُولُ: "مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَهُ قِيرَاطٌ" فَقَالَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَيْنَا فَصَدَّقَتْ يَعْنِي عَائِشَةَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ" [البخاري: كِتَاب الْجَنَائِزِ؛ بَاب فَضْلِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ] وخفي على ابن عباس النهي عن المتعة، وعن تحريم الحمر الأهلية، حتى أعلمه بذلك علي رضي الله عنه؛ "فعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُلَيِّنُ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ فَقَالَ مَهْلًا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ" [مسلم: كِتَاب النِّكَاحِ؛ بَاب نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَبَيَانِ أَنَّهُ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ ثُمَّ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ وَاسْتَقَرَّ تَحْرِيمُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ] وهؤلاء الأنصار نسوا قوله عليه السلام : «الأَئمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» [إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (2/ 298) صحيح] ، وما كانوا يتركون اجتهادهم إلا لأمر بلغهم عن النبي عليه السلام. فلما صح كل ذلك وجب أن لا يؤخذ برأي صاحب، وإن تعرى من مخالفة الخبر فكيف إذا خالف الخبر . المصدر: نفساني |
|||
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|