03-08-2012, 03:21 PM
|
#1
|
نائب المشرف العام سابقا
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 23323
|
تاريخ التسجيل : 03 2008
|
أخر زيارة : 21-11-2016 (11:29 PM)
|
المشاركات :
5,253 [
+
] |
التقييم : 217
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Burlywood
|
|
هل تستطيع ؟
| الهادي بن المنير بن الطلبه
لن تستطيع أن تقوم من عثرة الحياة، وتبصر ضياء الأفق الرّحب، وتتنفّس عبير الشّذى الفوّاح، وتلامس النّدى الصّباحيّ الرّقيق؛ وتحلم بالإنسان القادر على فهم ما تريد بلا نطق منك..
لن تستطيع.. فبناؤك الإنساني - من فترة- قد تداعت أركانه، وتصدّعت جوانبه.. فأنت "إنسان سابق" كنت تحلم بالوطن الجميل.. كنت تعيش على أمل أن تعيش.. وتنجز لعلّك تجد وقتًا للتّفكير..
لن تستطيع.. فبالسّند المتواتر نقلت حكايتك، وقالوا بأنّك ستفقد القدرة على الإبصار، حين ترى ذلك النّور الذي حلمت به في رؤيا رأيتها في حلم ساعة سباتك الشّّتويّ الطّويل!!
ستختنق إذًا إن أنت حاولت أن تتنفّس عبيره.. فهو هواء كوكب سماويّ خُلق ليطأه غيرك، وتنظر أنت من قاعك السّحيق.. وتتعجّب من ذلك الواصل كيف وصل!!
أنت أيّها الإنسان –سابقًا- ألا زلت تبحث عنه؟ أما زلت تحاول الفهم، وترقب المعنى؟
ابنِ لك وطنًا في القاع فكيف لمعطّل الأطراف أن يتسلّق القمم؟!
حاولْ.. وتذكّر أنّهم قالوا بأنّك لن تستطيع.
حرّكْ يديك.. لوّحْ بهما كيف شئت.. أصدرْ من الأصوات ما تحبّ لعلّ أحدًا ما يفهمك.. لكنّه لن يستطيع.. فقد قالوا بأنّه لن يسمعك.. فأنت قد صرت من العجماوات حين تخلّيت عنها..
هي لم تعد لك.. وإنْ نظرت من حولك ستصدّق لا محالة.. أدِرْ بصرَك.. رأيت أين أنت؟!
لقد اختفت حين كنت تنظر إلى ذلك الواصل إلى الكوكب السماويّ، بقيت تنظر مشدوهًا بالمشهد، فارتقت هي؛ لأنها تكره هواء الأماكن المنخفضة. ألم تحاول الصّعود بعد؟! آه.. لقد قالوا بأنّك لن تستطيع.
هي لن تسمع صراخك.. ولن تفهم إشاراتك... قبل أن تفهم أنت.
هي ليست لعبة للتّسلية، ولا وقت عندها للبحث عن التّسوية.. لقد صرت سقوطًا في عينها.. سقوطًا مدوّيًا. لقد صرت فاقد القدرة..
لن تستطيع أن تقوم من عثرة الحياة.. لأنّ اليد التي ستمتدّ لك لن ترفعك.. بل أنت من سيجذبها للقاع معك..
لن تكون أيّ شيء قبل أن تكون إنسانًا.. تألّمت؟ أم أنّك ممّن تجاوز مرحلة الألم؟
***
إنّ قطرات النّدى تتبخّر مع ساعات سطوع الشّمس الأولى حين تكون على الصفوان من الحجارة فيبقى صلدًا.. وتمتص الزّهور من ذلك النّدى ما تجدّد به جمالها.. وأنت أيّها السّاكن في ذلك القاع السّحيق، لم يكن بينك وبين الزّهر أيّ معنى تجتمعان فيه..
انظرْ حولك، فما أكثر الحجارة التي تتعثّر بها..!! لم تحاول أن تتسلّق عليها لعلّك تصل؛ لأنّك تعلم أنّك لن تستطيع..
حتى ذلك الحلم الذي كنت ترى نفسك فيه صار وهمًا؛ لأنّك قد أقنعتها بأنّ كلّ شيء من حولك ينزل إلى القاع..
***
لن يفهمك أحد إلاّ إذا فهمت أنت أوّلاً ماذا تريد.. ولن تستطيع أن تقوم من عثرة الحياة؛ وتبصر ضياء الأفق الرّحب، وتتنفّس عبير الشّذى الفوّاح، وتلامس النّدى الصّباحيّ الرّقيق؛ إلاّ حين تدرك سرّ الإنسان فيك.. وتوقن أنّ الصّعود ممكن حتى ولو قالوا بأنّك: لن تستطيع.
| |
|
|
|