[align=center]( الإخلاص في الكتاب والسنَّة بفهم وميزان السَّلف الصالح )
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبده المُخْلَِصِ الأمين وعلى آله وصحبه المخلَِصِين أما بعد :
فما أحوجنا نحن السلفيون - قبل غيرنا من الناس- أن نفقه -أحسن الفقه- أقوال واعتقادات وأفعال سلفنا الصالح إذْ ألزمنا أنفسنا -قبل الناس جميعاً- وعاهدنا الله تبارك وتعالى باتِّباع هديهم القويم وطريقهم الطريق المستقيم طاعة وحباًّ وانقياداً لله رب العالمين.
وقد نقلتُ في ( سحاب الخير ) -وفقها الله لكل خير- بعض أقوال السلف واعتقاداتهم الطيبة في الإيمان وتوحيد الباري جلَّ وعلا - وهو رأس الأمر كله - .
واليوم أذكر نفسي وإخواني الأفاضل بأصلٍ عظيم من أصول الإسلام وهو ركنٌ عظيم من أركان الإيمان والتوحيد لا يقوم التوحيد بل الأعمال كلها إلاَّ به -مع المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم - ألاَ وهو : إخلاص الدِّين لله تعالى في كل أمرٍ من أمورنا .
ولقد ورد الأمر بالإخلاص لله تعالى والحضُّ الشديد عليه في كتاب الله تعالى في مواضع كثيرة وكذلك في السنن الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا من أقوال وسير سلفنا الصالح -رضوان الله عليهم- .
- فأمَّا من الكتاب العزيز :
فقال تبارك وتعالى : ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) (الكهف:110)
وقال سبحانه : ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) (البينة:5)
وقال سبحانه : ( بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (البقرة:112)
والآيات في هذا كثيرة وكثيرة جداً .
- وأما من السنة الصحيحة :-
فقد ورد عن زيد بن ثابت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( نضَّر الله امرأً سمع منا حديثا فبلغه غيره فرُبَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورُبَّ حامل فقه ليس بفقيه ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من وراءهم ومن كانت الدنيا نيته فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ومن كانت الآخرة نيته جمع الله أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة ) . رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي بتقديم وتأخير وروى صدره إلى قوله ليس بفقيه رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني(صحيح الترغيب).
- وعن جابر -رضي الله عنه- : ( أنَّ معاذاً -رضي الله عنه- لماَّ حضرته الوفاة قال:
( اكشفوا عني سجف القبة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل الجنة ).
قال الألباني : إسناده صحيح على شرط الشيخين ( الصحيحة 5/470) .
- وعن كعب بن مالك -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء ويصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار ) رواه الترمذي واللفظ له وابن أبي الدنيا في كتاب الصمت وغيرهما وقال الألباني في صحيح الترغيب :( صحيح لغيره ) .
والأحاديث في باب الإخلاص كثيرة جدا .
- وأما آثار السَّلف - رضوان الله على سلفنا الصالح - :
فإليك باقةً منها مع هذه المقدمة :
- قال ابن رجب الإمام الحافظ العارف-رحمه الله- في لطائف المعارف : ( من أين في الأمم مثل أبي بكر الصديق ؟ أو عمر الذي ما سلك طريقاً إلا هرب الشيطان من ذلك الطريق ؟! أو عثمان الصابر على مرِّ الضيق ؟ أو عليٍّ بحر العلم العميق ؟ أو حمزة والعباس ؟ أفيهم مثل طلحة والزبير القرينين ؟ أو مثل ابن عوف وأبي عبيدة ، ومَنْ مثل الاثنين ؟ إنْ شبَّهتم بهم أبعدتم القياس! مِنْ أين في زهَّاد الأمم مثل أُويس ؟ أو في عبَّادهم مثل عامر بن قيس ؟ أو في خائفهم مثل عمر بن عبد العزيز ؟! أفيهم أعلى من الحسن البصري وأنبل ؟ أو ابن سيرين الذي بالورع تقبَّل ؟ أو سفيان الثوري الذي بالخوف والعلم تسربل ؟ أو مثل أحمد الذي بذل نفسه لله وسبَّل ؟! ) اهـ.
-
شدة إخلاص السَّلف الصالح لربهم جلَّ وعلا
وشدة حذرهم من الرياء وحُبِّ الشهرة :
1- عن علي بن الفضيل بن عياض أنه قال : ما أحلى كلام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ! فقال الفضيل : يا بني وتدري لم حلى ؟ قال : لا يا أبت ، قال : لأنهم أرادوا به الله تبارك وتعالى .
( شعب الإيمان للبيهقي / 1708 ) .
* * * *
2- وعن إبراهيم قال : كانوا يكرهون إذا اجتمعوا أن يُخرِجَ الرجل أحسن حديث أو من أحسن ما عنده من حديثه . ( الحليه 4 / 229 ) .
* * * *
3- وعن عقيل بن معقل قال سمعت عمي وهب بن منبه يقول : يا بنيَّ أخلص طاعة الله بسريرة ناصحة يصدق الله فيها فعلك في العلانية فإنَّ من فعل خيراً ثم أسرَّهُ إلى الله فقد أصاب موضعه وبلَّغه قراره ،وإن من أسر عملا صالحاً لم يطلع عليه أحد إلا الله فقد اطلع عليه من هو حسبه واستودعه حفيظاً لا يضيع أجره فلا تخافن على عمل صالح أسررته إلى الله عز وجل ضياعاً .( الحلية4 / 69) .
* * * *
4- وعن الحسن قال : إن كان الرجل ليكون فقيهاً جالساً مع القوم فيرى بعض القوم أن به عياًّ وما به من عيٍّ إلا كراهية أن يشتهر (الزهد لأحمد /320) .
* * * *
5- وعن ابن المبارك قال: ما رأيت رجلاً ارتفع مثل مالك بن أنس ليس له كثير صلاة ولا صيام إلا أن تكون له سريرة. ( الحلية 6 / 320 ).
* * * *
6- وعن حرملة : سمعت الشافعي يقول : وددت أنَّ كلَّ علم أعلمه تعلمه الناس أُؤْجَرُ عليه ولا يحمدوني . ( السير 10 / 55 ) .
* * * *
7- وعن أحمد بن حنبل قال : ما رفع الله ابن المبارك إلا بخبيئة كانت له .
* * * *
8- وعن بديل العقيلي قال: من أراد بعمله وجه الله أقبل الله بوجهه وأقبل بقلوب العباد إليه، ومن عمل لغير الله تعالى صرف عنه وجهه وصرف قلوب العباد عنه. ( الحلية لأبي نعيم 3 /62 ).
* * * *
9- وسئل حمدون القصار : ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا ؟ قال : لأنهم تكلموا لعزِّ الإسلام ورضا الرحمن ، ونحن نتكلم لعز النفوس ، وطلب الدنيا ، ورضا الخلق . ( صفة الصفوة 2/122 ) .
* * * *
10- وعن مضاء بن عيسى قال : خَفِ اللهَ يُلْهِمْكَ ، واعمل له لا يُلْجِئْكَ إلى ذليل.( الحلية 9 / 324 ) .
* * * *
11- وعن بشر بن الحارث قال: لقد شهرني ربي في الدنيا فليته لا يفضحني في القيامة، ما أقبح بمثلي يُظنُّ فِـيَّ ظنٌّ و أنا على خلافه (!) ، إنما ينبغي لي أن أكون أكثر ما يُظنّ بي أني أكره الموت ، وما يكره الموت إلا مريب ولو لا أني مريب ، لأي شيء أكره الموت . ( صفة الصفوة 2 / 512 ).
* * * *
12- وعن جعفر بن زيد العبدي قال: مرَّ رجل بقوم فأثنوا عليه وأسمعوه، فلما جاوزهم وقف وأشار برأسه إلى السماء فقال: اللَّهُمَّ إن كانوا لا يعرفوني فأنت تعرفني. ( الحلية 6 / 225 ).
--------------------------------------------------------------------------------
- وقد يقول قائل منكم :
لا تُعرضَنَّ بذكرنا مع ذكرهم *** ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد (!!)
- وأقول له :
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم *** إنَّ التشبُّه بالكرام فلاحُ
ومرجع هذه الآثار الأخيرة ترجع لتوفيق الله لي إلى قراءةِ كتاب ( أخبار السلف ) -وهو كتاب رائقٌ في بابه- واقتبستُ منه هذه القبسات النيرة وهذه المجموعة من الفوائد البَهِـيَّة والفرائد السَّلفية : شذراتٍ مِنْ ذَهَب في أخبارِ مَنْ ذَهَب من سلفنا الصالح -رضوان الله عليهم ورحمهم- .
أسأل الله أن ينفعني وإخواني بهذه الآثار النيِّرة
وأن يُعلِّمنا ويرزقنا الإخلاص
في
الاعتقاد والقول والعمل
إنَّ ربنا لسميع الدعاء
وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد
وعلى آله وأزواجه
وذريته .
وكتب :
أبو إسحاق زهير بن عيسى السطائفي
-غفر الله له ولوالديه
ولمشايخه
وللمسلمين-
نقلا من موقع سحاب جزاهم الله خيرا وبارك الله في علمهم
[url]www.sahab.ne[/url][/align]
?????>drawGradient()??????>