الثورات لا تشبعُ من أكل أبنائها

الثورات لا تشبعُ من أكل أبنائها

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
المظاهرات السلمية راس كل بلية مدخل للتدخلات الاجنبية والجماعات الارهابية



كتب عبد الكريم الدوخى
من يقرأ تاريخ الثورات بعين فاحصة وعقلية متجرّدة متدبرة يتوصل إلى قناعة تامة لا يساورها شكٌّ على الإطلاق، وهي أن الثورات لا تأتي بخير وأن الثورات لا تشبع من أكل أبنائها! وفي هذا المعنى يقول مؤرخ الأندلس ابن حزم، الذي عاصر صراعات ملوك الطوائف وانفجار العالم الإسلامي في أوروبا بالثورات، وشاهد آمال الشعوب وهي تتحطّم مراراً بعد أن علّقوها على كل ثورة تقوم وظنّوا أنها النور الذي في آخر النفق، فإذا بها ظلمة جديدة لا تقل سوءاً ولا خطراً عن الظلمة التي سعوا للخلاص منها، يقول ابن حزم: «نوّار الفتنة لا يعقد»! أي إن الثورات لها بريق جذّاب وآسر يخطف العقول الطائشة التي لا تقرأ مآلات الأمور بحكمة، ولكن سرعان ما يزول هذا البريق وتزول معه كل المعاني الجميلة ولا يبقى منه سوى الخراب والدمار! وهذا ما أكّده الفيلسوف زكي نجيب محمود في مقال له نُشرَ في ثلاثينات القرن الماضي في مجلة الرسالة المصرية تحت عنوان «فلسفة شوبنهور»، عندما تحدث عن سبب انتشار ظاهرة الإلحاد في أوروبا عقب الثورة الفرنسية فعلل ذلك بأن هذه الظاهرة هي نتاج الإحباط واليأس اللذين اجتاحا نفوس شعوب أوروبا التي علّقت آمالا كبيرة على الثورة الفرنسية، وظنوا أنها قادمة ومعها شمس العدالة والحرية، فإذا بهذه الآمال تتلاشى بعد أن صحوا من سكرة الآمال ووجدوا ما حولهم من الديار العامرة قد استحالت خراباً ورائحة الجثث تُطيح الطيور من السماء، والأرواح أُزهقت من أجل أوهام لم تغنِ ولم تسمن من جوع! ولن تجد ما يلخص واقع الثورات بأجمل مما قاله شاعر اليمن البردوني عندما قال: الأُباة الذين بالأمس ثاروا أيقظوا حولنا الذئاب وناموا حين قلنا قاموا بثورة شعبٍ قعدوا قبل أن يروا كيف قاموا ربما أحسنوا البدايات، ولكن هل أحسّوا كيف ساء الختامُ..؟! ويقول الشاعر المصري أمل دنقل في مقطوعة من احدى قصائده: لا تحلموا بعالمٍ سعيد.. فخلف كلِّ ثائرٍ يموت أحزانٌ بلا جدوى… ودمعةٌ سُدى..!




عبدالكريم دوخي المجهول



المصدر ثورات الربيع العربى

المصدر: نفساني

اللهم احفظ بلاد المسلمين و احقن دماءهم
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها و ما بطن
جزاك الله خيرا على هذا الطرح القيم