الحجاب ليس عادة أو وراثة!

الحجاب ليس عادة أو وراثة!

الإسلام جاء ليسمو ويرتفع بالإنسان من الحيوانية إلى درجة الإنسانية.. ولن يكون متاحاً للإنسان أن يسمو إلا إذا غلب جانب العقل على جانب الشهوة لأن الله سبحانه وتعالى زود الإنسان بالاثنين معاً. فإذا كبت الإنسان شهوته أتاح الانطلاق لعقله وإذا حجب العقل أصبح من البهائم.

ومن المفاسد التي تملأ المجتمعات في عصرنا هذا الزنى والإسلام في تشريعه للباس والزينة إنما شرعه ليحفظ المجتمع كله. فليس الحجاب حفاظاً للمرأة على نفسها فحسب بل هو حفاظاً للرجل أيضاً. لأن المرأة المتبرجة لا يكون ضررها على نفسها فقط ولكن يعم ضررها على من حولها أيضاً علي جميع المجتمع. والإسلام عندما جاء ليحرم الزنى الذي هو محزم في الأديان السابقة لم يقل ولا تزنوا مباشرة ولكنه قال{ولا تقربوا الزنى} أي مقدمات الزنى من تبرج وسفور واختلاط بالرجال. أي حرص الإسلام كل الابتعاد عن المقدمات التي تؤدي بالإنسان إلى الزنى. ومن أجل هذا كان التشريع الإسلامي للحجاب وفي الحقيقة عندما نناقش الحجاب يتضح لنا كيف أن الإسلام سما بالمرأة وارتفع بها حيث جعلها كالجوهرة الثمينة التي ينأى بها عن ذئاب المجتمع ويرقى بها إلى درجات السمو ومن أجل هذا كان التشريع للحجاب في الإسلام.

وعندما شرع الإسلام الحجاب جعله أدباً خلقياً يستحب من الرجل والمرأة علي حد السواء فالمؤمنون مطالبون بأن {يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم} والمؤمنات مطالبات كذلك {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن كل جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن آو آبائهن..... }. ويتضح أن الحجاب ليس خاصاً بشريعة الله التي جاء بها إلى محمد صلى الله عليه وسلم بل أنه مستعمل ومتعارف عليه قبل الإسلام بزمن طويل عند العرب وعند غيرهم من الديانات أيضاً.

إذاً لماذا أتحجب؟ وطاعة لمن؟ وما معنى الحجاب؟ هذه ثلاثة أسئلة يجدر بكل مسلمة أن تطرحها على نفسها وأن تعرف جوابها وأن تعمل بها بعد معرفة الأدلة من الكتاب والستة لتكون على بينة من أمرها.

أختي المسلمة إن الفتاة المسلمة تتحجب لأنها تعلم أن الحجاب عفة وشرف وكرامة لها إذ أنها غالية لها مكانتها في الإسلام وبين المسلمين لذا وجب عليها أن تحافظ على نفسها بالحجاب والستر والعفاف.

فالمرأة عند الغرب سلعة رخيصة حتى أنهم جعلوها دعاية يسوقون بها بضائعهم ولكن المرأة في الإسلام على العكس من ذلك تماماً فإن لها من الاحترام والتقدير الكثير وتحترم حقوقها الشرعية التي تحفظ لها كرامتها وعزها وشرفها.

وإننا حين نتحجب إنما نقوم بامتثال أمر الله الذي له ما في السماوات والأرض ونقوم بعبادة خالقنا قال الله تعالى {ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه..} [سورة الأنعام، الآية 102] وبالتزامنا الحجاب إنما نمارس عبادة ربانية مثل الصلاة والصوم والزكاة لأنها مفروضة علينا.

إن معنى الحجاب أعظم مما يدل عليه واقع كثير من النساء ممن يظنن أن الحجاب إنما هو مجرد عادة من عادات المجتمع ورثنها عن أمهاتهن. أو تفرضه عليهن عادات المجتمع الذي يعشن فيه. والحق أن الحجاب أشرف وأعلى من ذلك بكثير. إذ هو ستر للبدن وعنوان لتلك المجموعة من الأحكام الاجتماعية التي تتعلق بوضع المرأة في النظام الإسلامي والتي شرعها الله سبحانه وتعالى لتكون ????? الحصين الذي يحمي المرأة والسياج الواقي الذي يعصم المجتمع من الافتتان بها والإطار المنضبط الذي تؤدي المرأة من خلاله وظيفة صناعة الأجيال وصياغة مستقبل الأمة وبالتالي المساهمة في نصر الإسلام والتمكين له الأرض.

بعد كل هذا ما هي إذاً الشروط التي يجب توافرها في الحجاب؟

أختي في الإسلام أن مما يرضاه الله ورسوله ويحبه الله ورسوله في الحجاب أن يكون مشتملاً على عدة شروط معينة لا يتحقق إلا بها وهي كالآتي :

1. أن يكون الحجاب ساتراً لجميع البدن. قال تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن } [الأحزاب، الآية 59]، والجلباب هو الثوب السابغ الذي يستر البدن كله. ومعنى الإدناء هو الإرخاء والسدل فيكون الحجاب الشرعي.

2. أن يكون كثيفاً غير شفاف لأن الغرض من الحجاب الستر فإذا لم يكن ساتراً لا يسمى حجاباً.

3. ألا يكون زينة في نفسه أو مبهرجاً ذا ألوان جذابة تلفت الأنظار. قال تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ...} [النور، الآية 31] ومعنى ما ظهر منها أي بدون قصد أو تعمد مع تعاهد ستره ومنع انكشافه.

4. أن يكون واسعاً غير ضيق ولا يشف عن البدن ولا يجسمه ولا يظهر أماكن الفتنة منه.

5. ألا يكون الثوب فيه تشبه بالرجال لحديث الرسول: (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال) رواه البخاري.

6. ألا يشبه ملابس الكافرات فمن تشبه بقوم فهو منهم. وكذلك ألا يكون الثوب ملفتاً للنظير بسبب شهرته أو فخامته أو غير ذلك. كذلك ألا يكون معطراً لقوله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت علي قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وكل عين زانية) رواه الإمام أحمد.

والمرأة المعتزة بالإسلام لا ترى سبباً للتخلي عن خصائص الإسلام ويقول الرسول: (ما تركت بعدي من فتنة أضر على الرجال من النساء) متفق عليه. ومن غير شك أن المرأة إذا لم تلتزم بالحجاب فهي معدومة الحياء، ولذلك يجب عليك أختي المسلمة أن تلبسي لباس المؤمنات الطاهرات لا لباس المتبرجات اللواتي غلب عليهن الجهل والغرور والكفر وتسربت إليهن الشهوات والشبهات والهوى ومن اتبع هواه ضل سواء السبيل.

عايدة عثمان باسيجان
مجلة الدعوة – العدد 1426 – 9شعبان 1414هـ – 21يناير 1994م

المصدر: نفساني

جزاك الله خيرا أخي الكريم . وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين .