التوكل على الله

التوكل على الله

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي وسلم على حبيبينا وسيد الخلق أجمعين محمد بن عبد الله وآله الطيبين الطاهرين وصحبه الأكرمين ومن تبعه إلى يوم الدين وبعد .
فلقد أحببت أن أساهم بموضوع هو في غاية الأهمية ولا يستغني عنه أحد منا ألا وهو موضوع التوكل على الله سبحانه وتعالى وحيث انه لا يمكن استيعابه في صفحة أو حتى كتاب لذا آثرت أن أجعله في صورة أجزاء كل جزء يحمل عنوانا ويبنى على ما سبقه حتى لا أثقل على من أراد قراءته أو من رغب في التعليق عليه أو الرد والاستفسار والله من وراء القصد وما كان فيه من صواب فمنه تعالى وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان .
فأقول وبالله التوفيق :
إن التوكل مأخوذ من الوكالة , يقال : فلان وكل أمره إلى فلان , أي فوض أمره إليه واعتمد عليه . قال تعالى: (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين )وقال : ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون) وقال : (ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) وقال عن أوليائه : (ربنا عليك توكلنا . واليك أنبنا واليك المصير) وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم : (قل هو الرحمن . آمنا به. وعليه توكلنا) وقال له (وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا ) وقال له : ( فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ) وقال عن أصحاب نبيه : ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم. فزادهم إيمانا. وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) وقال : (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم . وإذا تليت عليهم آيته زادتهم إيمانا . وعلى ربهم يتوكلون )
والقرآن مملوء من ذلك
أما السنة فكذلك ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ( حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم , حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا له (إن الناس قد جمعوا لكم ... الآية وقال صلى الله عليه وسلم( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا)

قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين : التوكل نصف الدين . والنصف الثاني الإنابة
فان الدين استعانة وعبادة فالتوكل هو الاستعانة , والإنابة هي العبادة اه كلامه رحمه الله
قد يظن بعض الناس أن معنى التوكل ترك الكسب والعمل من أجل المعيشة التي تغنيه عن الناس وهذا جهل بالشرع فان ذلك حرام والشرع قد أثنى على المتوكلين , وانما يظهر تأثير التوكل في حركة العبد وسعيه إلى مقاصده وأهدافه وطموحاته , وسعيه إما أن يكون للحصول على منفعة وجلبها وهي مفقودة وليست لديه كالكسب , أو لحفظ موجود كالادخار , واما لدفع ضرر لم ينزل أو لإزالة ضرر واقع ولا بد من بذل الأسباب حتى يصل إلى ما يسعى لتحقيقه ففي جلب المنافع تكون الأسباب إما:
1- سبب مقطوع به كالأسباب التي ارتبطت بها المسببات بتقدير الله تعالى ومشيئته ارتباطاً مطرداً لا يختلف مثاله : أن يكون الطعام بين يديك وأنت جائع فلا تمد يدك إليه وتقول أنا متوكل وكذلك مضغه وابتلاعه , فهذا جنون محض وليس من التوكل في شئ فانك إذا انتظرت أن يخلق الله فيك شبعا دون أكل الطعام ,أو يخلق في الطعام حركة إليك أو يسخر ملكا ليمضغه ويوصله لمعدتك , فقد جهلت سنة الله .
وللموضوع بقية ستأتي تباعاً كما وعدت . وبالله التوفيق وهو المستعان
كتبه الفقير إلى عفو ربه علي بن صالح العنقري

المصدر: نفساني

أرحب بك يا شيخ علي العنقري و أود ان اعرف بك:
الشيخ علي العنقري هو قاضي بإحدى المحاكم الشرعية بالمملكة و من القضاة المتميزين رغم صغر سنه. أتمنى أن نحظى بالمزيد من المشاركات و المداخلات مع الأعضاء الآخرين في مداخلاتهم.

نرحب بك مرة أخرى و السلام.