المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > الملتقيات العامة > الملتقى العام
 

الملتقى العام لكل القضايا المتفرقة وسائر الموضوعات التي لا تندرج تحت أي من التصنيفات الموجودة

الحياة خارج الحياة.

فاطمة الشيدي - كاتبة عمانية December 13, 2014 بين مقولة ماركيز «تعلمنا كل شيء عن الحياة، إلا كيف نعيشها»، وعنوان رواية كونديرا «الحياة في مكان آخر»،

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 16-02-2017, 02:45 PM   #1
ستوكا
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية ستوكا
ستوكا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 40364
 تاريخ التسجيل :  09 2012
 أخر زيارة : 25-11-2022 (02:32 PM)
 المشاركات : 797 [ + ]
 التقييم :  34
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Black
الحياة خارج الحياة.



فاطمة الشيدي - كاتبة عمانية

December 13, 2014



بين مقولة ماركيز «تعلمنا كل شيء عن الحياة، إلا كيف نعيشها»، وعنوان رواية كونديرا «الحياة في مكان آخر»، يلخص حال مجتمعنا العربي المريض بكل أنواع العقد، وأشكال التأزمات النفسية الناتجة عن الذهاب المطلق وراء الأعراف والتقاليد البالية التي نقدسها ونعيش ضمنها، حتى أصبحنا نعيش حياة خارج الحياة تماما، أو لعلنا لم نتعلم يوما كيف نعيشها فعلا. ومع أننا نحب الحياة كما قال درويش، إلا أننا لم نستطعها بشكلها الناصع والجميل بعد، فنحن لم نعرف، ولم نحاول أن نعرف، كيف نتعامل مع أنفسنا، ومع الآخر، ومع الحياة بحب، أو كيف نحيّد الآخر لنعيش بجمال وصدق مع الذات، وكيف نخلق أسباب الحياة البسيطة والصادقة لنحيا بها حياة سليمة وصحيحة.
إننا نعيش الحياة كما فرضت علينا، أو كما رسمها الآخر «السياسي/ الديني/ الاجتماعي» لنا، تلك الحياة التي لا نريد، ولا نحب، ولا تناسب أفكارنا وتوجهاتنا وأحلامنا الإنسانية، لذا نموت ونحن لم نعش الحياة أصلا.
بل والكثيرون منا لم يفكروا يوما في مفهوم السعادة، ومدى تحققها في حيواتهم، ولا يستحضرونها إلا بتحقيق الصورة النمطية التي يقرها المجتمع بأعرافه البالية، وإنسانه الذي لا يقرأ، ولا يبحث، ولا يتعلم، ولا يسافر، ولا يحاكم المألوف، ولا يفكك الجاهز، ولا يرتاب في السائد، ولا يسأل عن المجهول، ولا يحاكي الآخر البعيد بجماله العميق والبسيط معا. السعادة التي تعني غالبا لدى الغالبية منا، الكثير من المال المكدس، والنفاق الاجتماعي، والتصنع في كل شيء، والقليل من الحب والخيارات الفردية، والمعايير الذاتية.
الأمر الذي انعكس سلبا على حيواتنا بكل جوانبها، من أجسادنا التي تخضع للسلطة الجمعية في ما نضعه في جوفها، وما نلبسها إياه، وما نهمله من حركة ورياضة تحتاجها، حتى عقولنا التي ران عليها السبات خارج فكرة الوعي والقراءة والمساءلة والفهم، وداخل التحزبات العرقية والجغرافية والتاريخية والدينية والطائفية. لنتحول إلى بشر مستنسخين، نستنسخ بشرا لاحقين، ليتحد ثلاثة أجيال في الشكل والمضمون، دون أن نفكر في حاجاتنا وحاجاتهم، وعصورنا المتفاوتة. ولا نفكر لحظة في آليات الخروج من هذا الحال، أو الاستمتاع بالحياة بشكل آخر مختلف وحقيقي، متخففين من أثقالنا الكثيرة، وقيودنا الكبيرة، وكذبنا الوفير، بأن نمشي حفاة على البحر مثلا، أو نلعق الآيسكريم في شارع مزدحم بالمارة دون أن نأبه بهم، أو نقهقه بصوت عال، وبفرح حقيقي حين نحتاج ذلك أو يعن على أرواحنا نزق محبب وجذل عميق، أو نلعب الكرة مع أطفالنا في مكان عام بكل أريحية وبساطة، أو نمسك يد من نحب في مكان عام، أو نمازح عامل النظافة في الشارع القريب من بيتنا بخفة وبساطة، لنخفف عنه ثقل يومه ونذكره بإنسانيته التي قد ينساها في خضم عمل ليس له سوى نظرة الاحتقار، أو نمشي الهرولة في الزقاق المؤدي لبيتنا، دون أن نخشى نظرات الجيران المتلصصة بريبة الجنون، أو نخرج ونحن نرتدي «بيجامة» لنشتري الحليب في الصباح من أبعد محل عن البيت، أو نزرع شتلات الورد بأيدينا أمام البيت في مواسم الزهر، أو.. أو.. من أمور يراها البعض طبيعية جدا، وبسيطة جدا، وقد تصل لدرجة التحريم والتجريم في مجتمعاتنا المعقدة والمحكومة بالنفاق. فأن نشاهد شخصا يركض، أو عاشقين يشربان القهوة بكل دفء وحميمية، أو عائلة تأكل في مكان مفتوح بكل فرح وبساطة، أو رجلاً يقرأ على البحر أو يمشي مع كلب أو قطة وغيرها من مظاهر الحياة البسيطة والمتاحة كحق للجميع… لا يبدو الأمر في مجتمعاتنا طبيعيا جدا، ولا حتى مألوفا وسائدا، بحيث يشكل ظاهرة يومية، بل قد يبدو أحيانا كثيرة عجيبا ودخيلا ومريبا حتى يستنجد البعض بكل الأعراف المجتمعية والدينية في داخله، ويحاكم هذه المظاهر الطبيعية بأنها آثمة وآبقة وخارجة على قوانين الركود والكذب، وعلى ثوابتها، وكسر لقيودها.
وكأننا نعيش في قواقع نراقب بعضنا بعضا عبر نوافذها، ونرتاب لكل جديد، ونكفّر كل خارج على أي نمط من أنماط الحياة السائدة، غيرة وحسدا، وخوفا، لأننا لا نستطيع القيام بتلك الخطوة التقدمية في الخروج والمبادرة، ولذا فالأسهل الانتقاص والسخرية من الآخر في لباسه الجديد، أو نمط حياته المختلف. أو محافظته على صحته الجسدية أو النفسية أو العقلية، والتمتع بكل مظاهر الحياة الطبيعية والإنسانية والإبداعية.
فالجميع متمترس خلف سمت وهمي، وهيبة مصطنعة، وأخلاق كاذبة، في حين يخون كل هذا في الخفي والبعيد من أعين الناس، بل يخون حتى نفسه أحيانا.
وحين جاءت الثورات السياسية في الزمن القليل الآفل، والتي كان الواعون من المجتمع ينتظرونها ثورات عميقة ومغيرة لكل هذه الأحوال المريضة، كانت ثورات جمعية أيضا، فأغلبية من خرجوا إليها لم يكونوا على مستوى الوعي والفهم الفردي الجدير بالثورة، بل خرجوا تضامنا مع الآخر، دون تفكير ولا وعي في أهدافها وغاياتها، بل بخضوع ضمني للمستبد الجمعي الضمني الذي يحركهم، والذي تتغير ضمنه القبيلة الجاهلية، من مستواها القديم، لمستوى جديد فقط، فخرج أغلبية الجمع نصرة لأصدقائهم، وليس إيمانا بفكرة عظيمة، حركتهم عواطفهم الجمعية، وليس وعيا معرفيا بقيمة وأهمية الثورة على الظلم، والانحياز للحق والخير والعدالة، ولذا كانت الحالة الدينية القائمة على التحزبية المذهبية هي المجرى الذي صبت فيه هذه الثورات حركتها، وقضت على خياراتها المنتظرة، وسقطت بها في فكرة الرضوخ للأطر الجاهزة مجددا.
إن الثورة الفردية هي الأهم، ووجود وعي فردي هو الأساس لأي تغيير، ثورة داخلية متجذرة بوعي عميق، وحرية تامة، وفهم خاص للحياة بكل مفاهيمها وألوانها، ثورة قائمة على رفض الفرد للجمعي الآمن، والكلي المحتجب وراء كليته بدءا، ليتشكل لاحقا وعيا جمعيا قائما على وعي فردي عام.


فاطمة الشيدي.
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 21-02-2017, 05:08 PM   #2
أمل الروح
المدير العام للموقع
روح نفساني


الصورة الرمزية أمل الروح
أمل الروح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 34210
 تاريخ التسجيل :  05 2011
 أخر زيارة : 30-07-2024 (12:41 PM)
 المشاركات : 23,511 [ + ]
 التقييم :  325
لوني المفضل : Darkcyan


في عمق الحقيقة

انتقاء رائع ،، راق لي كثيرا ..


 

رد مع اقتباس
قديم 21-02-2017, 05:29 PM   #3
ستوكا
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية ستوكا
ستوكا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 40364
 تاريخ التسجيل :  09 2012
 أخر زيارة : 25-11-2022 (02:32 PM)
 المشاركات : 797 [ + ]
 التقييم :  34
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Black


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل الروح مشاهدة المشاركة
في عمق الحقيقة

انتقاء رائع ،، راق لي كثيرا ..


أول مقال أقرأه لفاطمة الشيدي وكان فرصة سعيدة أني تعرفت عليها.

فرحت أنه راق لك..شكرا اخت أمل.


 

رد مع اقتباس
قديم 21-02-2017, 11:50 PM   #4
هدوء نسبي
عضو نشط


الصورة الرمزية هدوء نسبي
هدوء نسبي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 55064
 تاريخ التسجيل :  11 2016
 أخر زيارة : 28-12-2017 (03:18 AM)
 المشاركات : 64 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


مقال راقي ويحمل في طياته الكثير من الحقيقه
شاكرا لك جمال اختيارك


 

رد مع اقتباس
قديم 22-02-2017, 09:43 AM   #5
ستوكا
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية ستوكا
ستوكا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 40364
 تاريخ التسجيل :  09 2012
 أخر زيارة : 25-11-2022 (02:32 PM)
 المشاركات : 797 [ + ]
 التقييم :  34
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Black


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هدوء نسبي مشاهدة المشاركة
مقال راقي ويحمل في طياته الكثير من الحقيقه
شاكرا لك جمال اختيارك

العفو اخي ..
الله يحفظك.


 

رد مع اقتباس
قديم 22-02-2017, 10:01 AM   #6
اهى حياه وهتعدى
عضـو مُـبـدع
الحمد لله كثيرا


الصورة الرمزية اهى حياه وهتعدى
اهى حياه وهتعدى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 55467
 تاريخ التسجيل :  01 2017
 أخر زيارة : 14-08-2017 (10:03 PM)
 المشاركات : 255 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Crimson


مقال جميل جدا وحبيته.
مشكوره


 

رد مع اقتباس
قديم 26-02-2017, 04:20 PM   #7
ستوكا
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية ستوكا
ستوكا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 40364
 تاريخ التسجيل :  09 2012
 أخر زيارة : 25-11-2022 (02:32 PM)
 المشاركات : 797 [ + ]
 التقييم :  34
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Black


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اهى حياه وهتعدى مشاهدة المشاركة
مقال جميل جدا وحبيته.
مشكوره


العفو اختي...شكرا لكلماتك.


 

رد مع اقتباس
قديم 04-03-2017, 01:45 AM   #8
بهاء الدين احمد
عضو جديد


الصورة الرمزية بهاء الدين احمد
بهاء الدين احمد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 55693
 تاريخ التسجيل :  02 2017
 أخر زيارة : 04-03-2017 (01:45 AM)
 المشاركات : 1 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


جهد مشكور الله يعطيك العافية


 

رد مع اقتباس
قديم 05-03-2017, 10:40 AM   #9
ستوكا
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية ستوكا
ستوكا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 40364
 تاريخ التسجيل :  09 2012
 أخر زيارة : 25-11-2022 (02:32 PM)
 المشاركات : 797 [ + ]
 التقييم :  34
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Black


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بهاء الدين احمد مشاهدة المشاركة
جهد مشكور الله يعطيك العافية

الله يعافيك اخ بهاء..
بارك الله فيك.


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:26 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا