الثانوية العامة وويلاتها (للأباء والأمهات والمختصي)من صديقة

الثانوية العامة وويلاتها (للأباء والأمهات والمختصي)من صديقة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
شهادة الثانوية العامة هي بداية نهضة الإنسان الطموح علمياً في نظر العامة من الناس وعليه يكاد يكون هناك إجماع كلي عالمي ودولي على أن نيل الشاهدة الثانوية هو بداية الطريق للحصول على عمل أو تبني نهج خاص بالإنسان سواء عملي أو علمي...
وفي ظل تزايد عدد السكان وقلة الموارد البشرية والإمكانيات المادية نرى ونسمع هموم الابن الذي يستعد لهذه الشهادة..حيث يصبح هناك حالة طوارئ داخل المنزل وحالة استنفار للقوى والكلمات والأمثلة والتجارب من كل شخص يمت لهذا الطالب بصلة..والكل يحرص على أن يرفع هذا الطالب رأسه بالحصول على مجموع عالي يؤهله لدخول الجامعة...
وفي ظل هذا الزخم من المشاعر والرغبات والطموح والآمال يغرق الطالب في دوامة المجموع النهائي ولسبب رئيسي هو أن لا يسقط في نظر أهله أو يُنظر إليه بخيبة أمل لو فشل في ذلك أي أن الطالب يدخل حرب نفسية وعلمية ويشحذ قوته وتفكيره وقدراته فقط ليرضى من حوله ومن ثم يرضى نفسه؛ فبأي حق يا أخوان نجعل رغباتنا وآمالنا تأتي قبل أي إحساس أو رغبة أو طموح لدى أبنائنا..
الضغوط النفسية التي يقوم بها الأباء والامهات على الطالب من أشد وأقسى أنواع التعذيب الذاتي والتي تصيب هذا الطالب بالتوتر والقلق والخوف من نتائجه الدراسية والتي تكون سبب في فشل هذا الطالب وتحطيمه نفسياً...
لو كل أب وأم أحس بأن هذا الإنسان كيان قائم بذاته وأن من حقه أن يصنع مستقبله وحياته بهوية خاصة به بدون أي ضغط نفسي أو فعلي عليه لرأينا الجميع يتفوق دون أي مشاكل عصبية أو نفسية.
صدقوني الإنسان المعاصر في كل مجتمع إنسان عاقل ولديه رغبة في أن يكون ناجح وملفت للأنظار وقادر على الوصول لأحلامه الخاصة به؛ وهو يحلم بأن يرى ويسمع ويعي نظرة المجتمع والعالم له كإنسان متعلم، لذا فهو يهتم ويهمه أن يكون في مصاف من يُنظر إليهم بتقدير وإجلال وبذلك يحاول أن يصل إلى مكانة علمية تؤهله للعمل في أفضل المجالات وبأرقي المستويات المادية والوظيفية...وهو ما يسمى لدى شبابنا في المملكة(هذا مستقبلي وأنا حر فيه) تعبير صادق عن حرية الفرد في أن يرسم لنفسه خط معين أو نهج محدد يكون به ذاته بعيداً عن سيطرت الأباء والأمهات النفسية وبعيداً عن جعله أداة لتحقيق حلم والديه اللذان فشلا في تحقيق أحلامهما الخاصة بهما ويطمحا من هذا الابن أن يحقق ما عجزا عنه..
ليس من حقك عزيزي الأب وأختي الأم لا شرعاً ولا قانون ولا إنسانياً أن تجبروا هذا الابن أن يصل لما لم تستطيعا الوصول إليه وليس من حقه عليكما أن يجعل من أحلامكم الشخصية واقع ملموس يفرض نفسه على حياته ليعيش به مقابل أن يلغي كيانه ووجوده كإنسان له عقل ونظرة وحلم وهدف معين في الحياة..
عزيزي الأب، أختي الأم كل ما عليك فعله هو أن تجعل أبنك يثق بأنك تثق به وبأنه قادر على تحقيق حلمه الخاص والتفوق على أقرانه من أقرباء وأصدقاء ومعارف وإليك بعض الهمسات:-
-أزرع في نفس أبنك الهدوء والسكينة والرغبة في النجاح.
- حاولوا أن تتفهموا قدرات أبنكم العقلية والعلمية فلا تطلبوا من طالب عادي أو متوسط أن يكون متفوق وجهبذ في الثانوية العامة ولا تطلبوا من أبنكم المتفوق أن يكون عبقري في الثانوية العامة صدقوني أن قدرات الطالب الشخصية لا يمكن لها أن تتطور أو تزيد خلال عام واحد تحت الضغط النفسي والحصار الجسدي والاجتماعي له..
-لا تحاولوا أن تزرعوا بداخله عقدة النقص في عدم قدرته على التفوق أو تعذيب الذات لعجزه عن إرضائكم بنتائجه الدراسية.
-لا تحولوا خلق عدو له من أصدقائه أو معارفه أو أقربائه بخلق المقارنات بينهما.
-ثقوا في هذا الإنسان و امنحوه كل ما تملكون من حب ورعاية دون حصار أو خنق له ولرغباته ولطموحه.
-اجعلوا النجاح هو هدفه الشخصي ليستطيع تحقيق حلمه الخاص به.
-لا تحددوا أو ترسموا جغرافية معينة لأهدافه بعد التخرج من الثانوية العامة وساعدوه على أن ينجح ليتمكن من دخول الجامعة أو الكلية فقط دون تحديد كلية أو تخصص معين له..
-لا ترغموه نفسياً على أن يتقوقع في غرفته وبين كتبه ليحقق التفوق والنجاح لأنه في ليلة الامتحان سينهار وسيسقط ليس على الورق بل نفسياً لأنكم صنعتم من نهاية العام شبح أو حرب ضروس(أما أن تكون أو لا تكون).
-امنحوه فرصة للخروج والاستمتاع بوقته كباقي أقرانه ولا تجعلوا الثانوية العامة سجن مؤبد أو قفص زينة يحاصره حتى نهاية العام ولا تحرموه من ممارسة هواياته أو الرياضة التي يحبها من أجل شبح الثانوية العامة..
-اجعلوه يشعر ويتفهم بأن نجاحه أو عدمه لن يشوه صورته لديكم ولن يسبب لكم أي مشكلة حتى لا تحملوه عبء نفسي آخر وهو نظرتكم الشخصية عنه.
-لا تفقدوا الأمل في نجاح أبنكم وتمكنه من دخول الجامعة أو الكلية فكل شيء أصبح ميسر التعليم في أي مكان وفي أي بلد وفي أي زمان فلا تجعلوا الجامعات أو الكليات الحكومية سبب في قتل حلم أبنكم أو تحطيمه وتعذيبه
-توكل على الله عزيزي ولي الأمر وأتجه إلى رب العباد بالدعاء الصادق بأن يجعل النجاح والتوفيق حليف هذا الابن ولن يردك الله خائباً بإذنه تعالى.

وأخيراً:
أخواني أولياء الأمور تذكروا أن الأبوة والأمومة ليست في إنجاب طفل بل في تربيتك لهذا الطفل نفسياً واجتماعياً....
أخواني الأساتذة الأفاضل المختصين بالتربية والتعليم وعلم النفس والاجتماع ساهموا معي في تطوير مفهوم التربية والرعاية والاهتمام بالأبناء لنصنع جيل أجمل وأفضل...
هذا ونسأل الله التوفيق لجميع الطلاب والطالبات..ونأمل الاستفادة من مشاركة الأخوة الأعضاء

المصدر: نفساني